[مَسْأَلَةٌ أَفْطَرَ رَمَضَانَ كُلَّهُ بِسَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ]
مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ أَفْطَرَ رَمَضَانَ كُلَّهُ بِسَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ عَدَدُ الْأَيَّامِ الَّتِي أَفْطَرَ وَلَا يُجْزِئُهُ شَهْرٌ نَاقِصٌ مَكَانَ تَامٍّ، وَلَا يَلْزَمُهُ شَهْرٌ تَامٌّ مَكَانَ نَاقِصٍ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ: يُجْزِئُ شَهْرٌ مَكَانَ شَهْرٍ إذَا صَامَ مَا بَيْنَ الْهِلَالَيْنِ وَلَا بُرْهَانَ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ.
[مَسْأَلَةٌ الْإِفْطَار فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ]
٧٧٣ - مَسْأَلَةٌ: وَلِلْمَرْءِ أَنْ يُفْطِرَ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ إنْ شَاءَ، لَا نَكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ، إلَّا أَنَّ عَلَيْهِ إنْ أَفْطَرَ عَامِدًا قَضَاءَ يَوْمٍ مَكَانَهُ. بُرْهَانُ ذَلِكَ -: أَنَّ الشَّرِيعَةَ كُلَّهَا فَرْضٌ وَتَطَوُّعٌ، وَهَذَا مَعْلُومٌ بِنُصُوصِ الْقُرْآنِ، وَالسُّنَنِ، وَالْإِجْمَاعِ، وَضَرُورَةِ الْعَقْلِ، إذْ لَا يُمْكِنُ قِسْمٌ ثَالِثٌ أَصْلًا؛ فَالْفَرْضُ هُوَ الَّذِي يَعْصِي مَنْ تَرَكَهُ؛ وَالتَّطَوُّعُ هُوَ الَّذِي لَا يَعْصِي مَنْ تَرَكَهُ وَلَوْ عَصَى لَكَانَ فَرْضًا، وَالْمُفَرِّطُ فِي التَّطَوُّعِ تَارِكٌ مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فَرْضًا، فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ.
وَقَدْ «أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَعْرَابِيَّ الَّذِي سَأَلَهُ عَنْ الصَّوْمِ فَأَخْبَرَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِرَمَضَانَ؟ فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: لَا إلَّا أَنْ تَتَطَوَّعَ شَيْئًا؟ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: وَاَللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُ؛ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: أَفْلَحَ إنْ صَدَقَ، دَخَلَ الْجَنَّةَ إنْ صَدَقَ» فَلَمْ يَجْعَلْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تَرْكِ التَّطَوُّعِ كَرَاهَةً أَصْلًا. وَهَكَذَا نَقُولُ فِيمَنْ قَطَعَ صَلَاةَ تَطَوُّعٍ، أَوْ بَدَا لَهُ فِي صَدَقَةِ تَطَوُّعٍ، أَوْ فَسَخَ عَمْدًا حَجَّ تَطَوُّعٍ، أَوْ اعْتِكَافَ تَطَوُّعٍ، وَلَا فَرْقَ لِمَا ذَكَرْنَا، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَدَعْوَى لَا بُرْهَانَ عَلَيْهَا، وَإِيجَابُ مَا لَمْ يُوجِبْهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا إلَّا فِي فِطْرِ التَّطَوُّعِ فَقَطْ لِمَا نَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى؟ فَإِنْ قِيلَ: إنَّكُمْ تُوجِبُونَ فَرْضًا فِي الصَّوْمِ غَيْرَ رَمَضَانَ كَالنَّذْرِ وَصِيَامِ الْكَفَّارَاتِ؟ قُلْنَا: نُوجِبُ مَا أَوْجَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنُضِيفُهُ إلَى فَرْضِ رَمَضَانَ، وَلَا نُوجِبُ مَا لَمْ يُوجِبْ وَلَا نَتَعَدَّى حُدُودَهُ وَلَا نُعَارِضُهُ بِآرَائِنَا، وَقَدْ جَاءَتْ فِي ذَلِكَ سُنَّةٌ -: كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ نا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْهَيْثَمِ نا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ نا سُفْيَانُ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute