للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا نَعْلَمُ لِمَنْ خَالَفَ هَذَا حُجَّةً أَصْلًا -: وَرُوِّينَا عَنْ الشَّعْبِيِّ فِيمَنْ رَهَنَ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ فَمَاتَ: أَنَّ الرَّهْنَ لَهُ - أَيْ لِوَرَثَتِهِ، قَالَ: الْحَكَمُ هُوَ لِلْغُرَمَاءِ.

[مَسْأَلَةٌ ارْتَهَنَ شَيْئًا فَخَافَ فَسَادَهُ]

١٢١٧ - مَسْأَلَةٌ:

وَمَنْ ارْتَهَنَ شَيْئًا فَخَافَ فَسَادَهُ كَعَصِيرِ خِيفَ أَنْ يَصِيرَ خَمْرًا فَفَرْضٌ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ الْحَاكِمَ فَيَبِيعَهُ وَيُوقِفَ الثَّمَنَ لِصَاحِبِهِ إنْ كَانَ غَائِبًا أَوْ يُنْصِفَ مِنْهُ الْغَرِيمَ الْمُرْتَهِنَ إنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَوْ يَصْرِفَ الثَّمَنَ إلَى صَاحِبِهِ إنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا، فَإِنْ لَمْ يُمَكِّنْهُ السُّلْطَانُ فَلْيَفْعَلْ هُوَ مَا ذَكَرْنَا لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢] وَلِنَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ، وَلِأَنَّ ثَمَنَ الرَّهْنِ هُوَ غَيْرُ الرَّهْنِ، وَإِنَّمَا عَقْدُهُ فِي الرَّهْنِ لَا فِي ثَمَنِهِ، وَإِنَّمَا ثَمَنُهُ مَالٌ مِنْ مَالِ مَالِكِهِ كَسَائِرِ مَالِهِ وَلَا فَرْقَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ بَيْعُ سِلْعَةٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ رَهْنًا عَنْ ثَمَنِهَا]

١٢١٨ - مَسْأَلَةٌ:

وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ سِلْعَةٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ رَهْنًا عَنْ ثَمَنِهَا، فَإِنْ وَقَعَ فَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ، وَلَكِنْ يَجُوزُ لِلْبَائِعِ إمْسَاكُ سِلْعَتِهِ حَتَّى يَنْتَصِفَ مِنْ ثَمَنِهَا إنْ كَانَ حَالًّا وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: أَنَّهُ اشْتَرَطَ مَنْعَ الْمُشْتَرِي مِنْ قَبْضِ مَا اشْتَرَى مُدَّةً مُسَمَّاةً وَهَذَا شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ بَاطِلٌ.

وَأَيْضًا: فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَمْلِكُ مَا اشْتَرَى إلَّا بِتَمَامِ عَقْدِ الْبَيْعِ بَيْنَهُمَا، وَالْبَيْعُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِمَا نَذْكُرُهُ فِي " كِتَابِ الْبُيُوعِ " إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ التَّفَرُّقِ أَوْ التَّخْيِيرِ، فَهُوَ مَا لَمْ يَتِمّ الْبَيْعُ فَإِنَّمَا الشَّيْءُ الْمَبِيعُ مِلْكٌ لِلْبَائِعِ، فَإِنَّمَا اشْتَرَطَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ كَوْنَ شَيْءٍ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ الْمُرْتَهِنِ رَهْنًا عِنْدَهُ نَفْسِهِ - وَهَذَا فِي غَايَةِ الْفَسَادِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِهِمَا.

وَأَمَّا إمْسَاكُ الْبَائِعِ سِلْعَتَهُ حَتَّى يَنْتَصِفَ فَإِنَّ حَقَّهُ وَاجِبٌ فِي مَالِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ مَطَلَهُ بِحَقِّ قَدْ وَجَبَ لَهُ عِنْدَهُ، فَهُوَ ظَالِمٌ مُعْتَدٍ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ» ، وَإِذْ هُوَ ظَالِمٌ فَكُلُّ ظَالِمٍ مُعْتَدٍ.

وَقَالَ تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤]

<<  <  ج: ص:  >  >>