فَحَرَامٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ حَتَّى تَذْهَبَ الرَّائِحَةُ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ وَلَهُ الْجُلُوسُ فِي الْأَسْوَاقِ، وَالْجَمَاعَاتِ وَالْأَعْرَاسِ وَحَيْثُ شَاءَ إلَّا الْمَسَاجِدَ لِأَنَّ النَّصَّ لَمْ يَأْتِ إلَّا فِيهَا.
[مَسْأَلَةٌ أَكْلُ الْجَرَادِ]
١٠٤٣ - مَسْأَلَةٌ: وَالْجَرَادُ حَلَالٌ إذَا أُخِذَ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا سَوَاءٌ بَعْدَ ذَلِكَ مَاتَ فِي الظُّرُوفِ أَوْ لَمْ يَمُتْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ نا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ [قَالَ] سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى قَالَ: «غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعَ غَزَوَاتٍ أَوْ سِتًّا نَأْكُلُ مَعَهُ الْجَرَادَ» وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ لَا بَأْسَ بِالْجَرَادِ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ الْجَرَادُ ذَكَاةٌ كُلُّهُ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْجَرَادِ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ - وَهُوَ قَوْلُ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَغَيْرِهِ، فَلَمْ يَسْتَثْنُوا فِيهِ حَالًا مِنْ حَالٍ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَحِلُّ وَإِنْ أُخِذَ حَيًّا إلَّا حَتَّى يُقْتَلَ - وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَلَا نَعْلَمُ لَهُ حُجَّةً لِأَنَّ الذَّكَاةَ لَا تَمْكُنُ فِيهِ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ إنْ وُجِدَ مَيِّتًا فَإِنْ أُخِذَ حَيًّا حَلَّ كَيْفَ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ، رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ سَلْمَانَ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ فِي الْجَرَادِ: مَا أُخِذَ وَهُوَ حَيٌّ ثُمَّ مَاتَ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ. وَمِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ أَخْذُ الْجَرَادِ ذَكَاتُهُ - وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: احْتَجَّ هَؤُلَاءِ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣] . فَمَا وُجِدَ مَيِّتًا فَهُوَ حَرَامٌ، وَقَالَ تَعَالَى: {لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} [المائدة: ٩٤] . وَصَحَّ أَكْلُ الْجَرَادِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَحَّ بِالْحِسِّ أَنَّ الذَّكَاةَ لَا تُمْكِنُ فِيهِ فَسَقَطَتْ، فَصَحَّ أَنَّ أَخْذَهُ ذَكَاتُهُ لِأَنَّهُ صَيْدٌ نَالَتْهُ أَيْدِينَا. قَالَ عَلِيٌّ: وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا إبَاحَةُ مَا نَالَتْهُ أَيْدِينَا حَيًّا دُونَ مَا نَالَتْهُ مَيِّتًا، وَصَحَّ فِي كُلِّ مَقْدُورٍ عَلَى تَذْكِيَتِهِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ إلَّا بِالذَّكَاةِ وَالذَّكَاةُ الشَّقُّ وَهِيَ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهَا فِي الْجَرَادِ فَارْتَفَعَ حُكْمُهَا عَنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] وَقَدْ صَحَّ تَحْلِيلُهُ بِالنَّصِّ فَهُوَ حَلَالٌ كَيْفَمَا وُجِدَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute