الصُّغْرَى أُكِلَ كِلْتَاهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ الَّتِي فِيهَا الرَّأْسُ هِيَ الْكُبْرَى أُكِلَتْ هِيَ وَلَمْ تُؤْكَلْ الْأُخْرَى. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنْ قَطَعَ مِنْهُ مَا يَمُوتُ بِهِ مَوْتَ الْمَنْحُورِ أَوْ الْمَذْبُوحِ أُكِلَا مَعًا، وَإِنْ قَطَعَ مِنْهُ مَا يَعِيشُ بَعْدَهُ سَاعَةً فَأَكْثَرَ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ فَذَكَّاهُ أُكِلَ، حَاشَا مَا قُطِعَ مِنْهُ. وَمَا نَعْلَمُ لِمَنْ حَدَّ الْحُدُودَ الَّتِي حَدَّهَا أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ مُتَعَلِّقًا أَصْلًا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ رَمَى جَمَاعَةَ صَيْدٍ وَسَمَّى اللَّهَ تَعَالَى وَنَوَى أَيَّهَا أَصَابَ]
١٠٧٧ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ رَمَى جَمَاعَةَ صَيْدٍ، وَسَمَّى اللَّهَ تَعَالَى وَنَوَى أَيَّهَا أَصَابَ، فَأَيُّهَا أَصَابَ حَلَالٌ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي ذَكَرْنَاهُ آنِفًا «إذَا أَصَابَ بِحَدِّهِ فَكُلْ» . وَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إذَا رَمَيْتَ سَهْمَكَ فَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ فَإِنْ غَابَ عَنْكَ يَوْمًا فَلَمْ تَجِدْ إلَّا أَثَرَ سَهْمِكَ فَكُلْ» فَعَمَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَخُصَّ أَنْ يَقْصِدَ صَيْدًا مِنْ الْجُمْلَةِ بِعَيْنِهِ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] ١٠٧٨ -
مَسْأَلَةٌ: فَلَوْ لَمْ يَنْوِ إلَّا وَاحِدًا بِعَيْنِهِ فَإِنْ أَصَابَهُ فَهُوَ حَلَالٌ، وَإِنْ أَصَابَ غَيْرَهُ فَإِنْ أَدْرَكَ ذَكَاتَهُ فَهُوَ حَلَالٌ، فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ ذَكَاتَهُ لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ. وَكَذَلِكَ لَوْ رَمَى وَسَمَّى اللَّهَ تَعَالَى وَلَمْ يَنْوِ صَيْدًا فَأَصَابَ صَيْدًا لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ إلَّا أَنْ يُدْرِكَ ذَكَاتَهُ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ ذَبْحَ حَيَوَانٍ مُتَمَلَّكٍ بِعَيْنِهِ فَذَبَحَ غَيْرَهُ مُخْطِئًا لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَيْهِ قَاصِدًا إلَيْهِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» .
[مَسْأَلَةٌ رَمَى صَيْدًا فَأَثْخَنَهُ ثُمَّ رَمَاهُ فَسَمَّى اللَّهَ تَعَالَى فَقَتَلَهُ]
١٠٧٩ - مَسْأَلَةٌ: وَلَوْ أَنَّ امْرَأً رَمَى صَيْدًا فَأَثْخَنَهُ وَجَعَلَهُ مَقْدُورًا عَلَيْهِ، ثُمَّ رَمَاهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ فَسَمَّى اللَّهَ تَعَالَى فَقَتَلَهُ فَهُوَ مَيْتَةٌ فَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ، لِأَنَّهُ إذْ قَدَرَ عَلَيْهِ لَمْ تَكُنْ ذَكَاتُهُ إلَّا بِالذَّبْحِ أَوْ النَّحْرِ، فَلَمْ يُذَكِّهِ كَمَا أُمِرَ، فَهُوَ غَيْرُ مُذَكًّى، وَعَلَى قَاتِلِهِ إنْ كَانَ غَيْرَهُ ضَمَانُ مِثْلِهِ لِلَّذِي أَثْخَنَهُ، لِأَنَّهُ قَدْ مَلَكَهُ بِالْإِثْخَانِ وَخُرُوجِهِ عَنْ الِامْتِنَاعِ، فَقَاتِلُهُ مُعْتَدٍ عَلَيْهِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] . وَلَوْ جَرَحَهُ إلَّا أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ بَعْدُ، فَهُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ، لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالْخُرُوجِ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute