للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْجِ الزَّوْجَةِ الْمُسْلِمَةِ بِيَدِ السَّارِقِ الْمَلْعُونِ، وَسَائِرِ تِلْكَ الْمَقَايِيسِ الْفَاسِدَةِ، وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ كُلُّ ذِي فَهْمٍ أَنَّهُمْ لَا النُّصُوصَ يَلْتَزِمُونَ، وَلَا الْقِيَاسَ يَتَّبِعُونَ، وَإِنَّمَا هُمْ مُقَلِّدُونَ أَوْ مُسْتَحْسِنُونَ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَأَمَّا نَحْنُ فَلَوْ صَحَّ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ لَأَخَذْنَا بِهِ، فَإِذْ لَمْ يَصِحَّ فِي إيجَابِ شَيْءٍ عَلَى وَاطِئِ الْحَائِضِ فَمَالُهُ حَرَامٌ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَلْزَمَ حُكْمًا أَكْثَرَ مِمَّا أَلْزَمَهُ اللَّهُ مِنْ التَّوْبَةِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ الَّتِي عَمِلَ، وَالِاسْتِغْفَارِ وَالتَّعْزِيرِ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ» وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ، وَسَنَذْكُرُ مِقْدَارَ التَّعْزِيرِ فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَبِهِ نَتَأَيَّدُ.

[مَسْأَلَةٌ دَمٌ رَأَتْهُ الْحَامِلُ وَلَمْ تَضَعْ آخِرَ وَلَدٍ فِي بَطْنِهَا]

٢٦٤ - مَسْأَلَةٌ:

وَكُلُّ دَمٍ رَأَتْهُ الْحَامِلُ مَا لَمْ تَضَعْ آخِرَ وَلَدٍ فِي بَطْنِهَا، فَلَيْسَ حَيْضًا وَلَا نِفَاسًا، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ شَيْءٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَيْسَ حَيْضًا قَبْلُ وَبُرْهَانُهُ، وَلَيْسَ أَيْضًا نِفَاسًا لِأَنَّهَا لَمْ تُنْفِسْ وَلَا وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدُ وَلَا حَائِضٌ، وَلَا إجْمَاعٌ بِأَنَّهُ حَيْضٌ أَوْ نِفَاسٌ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ، فَلَا يَسْقُطُ عَنْهَا مَا قَدْ صَحَّ وُجُوبُهُ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَإِبَاحَةِ الْجِمَاعِ إلَّا بِنَصٍّ ثَابِتٍ لَا بِالدَّعْوَى الْكَاذِبَةِ.

[مَسْأَلَةٌ رَأَتْ الْعَجُوزُ الْمُسِنَّةُ دَمًا أَسْوَدَ]

٢٦٥ - مَسْأَلَةٌ:

وَإِنْ رَأَتْ الْعَجُوزُ الْمُسِنَّةُ دَمًا أَسْوَدَ فَهُوَ حَيْضٌ مَانِعٌ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالطَّوَافِ وَالْوَطْءِ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ بِإِسْنَادِهِ «إنَّ دَمَ الْحَيْضِ أَسْوَدُ يُعْرَفُ وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا رَأَتْهُ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ» وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الْحَيْضِ «هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ» فَهَذَا دَمٌ أَسْوَدُ وَهِيَ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ، وَلَمْ يَأْتِ نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ حَيْضًا، كَمَا جَاءَ بِهِ النَّصُّ فِي الْحَامِلِ، فَإِنْ ذَكَرُوا قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ} [الطلاق: ٤] قُلْنَا: إنَّمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُنَّ بِيَأْسِهِنَّ، وَلَمْ يُخْبِرْ تَعَالَى أَنْ يَأْسَهُنَّ حَقٌّ قَاطِعٌ لِحَيْضِهِنَّ، وَلَمْ نُنْكِرْ يَأْسَهُنَّ مِنْ الْحَيْضِ، لَكِنْ قُلْنَا: إنَّ يَأْسَهُنَّ مِنْ الْحَيْضِ، لَيْسَ مَانِعًا مِنْ أَنْ يُحْدِثَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُنَّ حَيْضًا، وَلَا أَخْبَرَ تَعَالَى بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ، وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا} [النور: ٦٠] فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُنَّ يَائِسَاتٌ مِنْ النِّكَاحِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ أَنْ يُنْكَحْنَ بِلَا خِلَافٍ مِنْ أَحَدٍ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ وُرُودِ الْكَلَامَيْنِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فِي اللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>