وَهُوَ مُتَعَدٍّ، قَالَ تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤]
[مَسْأَلَةٌ بَاعَ نَخْلَةً أَوْ نَخْلَتَيْنِ وَفِيهَا ثَمَرٌ قَدْ أُبِرَ]
١٤٥٥ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ بَاعَ نَخْلَةً أَوْ نَخْلَتَيْنِ وَفِيهَا ثَمَرٌ قَدْ أُبِرَ لَمْ يَجُزْ لِلْمُبْتَاعِ اشْتِرَاطُ ثَمَرَتِهَا أَصْلًا، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا فِي ثَلَاثَةٍ فَصَاعِدًا.
وَمَنْ بَاعَ حِصَّةً لَهُ مُشَاعَةً فِي نَخْلٍ، فَإِنْ كَانَ يَقَعُ لَهُ فِي حِصَّتِهِ مِنْهَا - لَوْ قُسِّمَتْ -: ثَلَاثُ نَخَلَاتٍ فَصَاعِدًا، جَازَ لِلْمُبْتَاعِ اشْتِرَاطُ الثَّمَرَةِ، وَإِلَّا فَلَا - وَالثَّمَرَةُ فِي كُلِّ مَا قُلْنَا لِلْبَائِعِ وَلَا بُدَّ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ، إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ» فَلَمْ يَحْكُمْ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِذَلِكَ إلَّا فِي نَخْلٍ.
وَأَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ " نَخْلٍ " ثَلَاثٌ فَصَاعِدًا؛ لِأَنَّ لَفْظَ التَّثْنِيَةِ الْوَاقِعَ عَلَى اثْنَيْنِ مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ الَّتِي بِهَا نَزَلَ الْقُرْآنُ، وَخَاطَبَنَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَوَّلُ لَفْظِ الْجَمْعِ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى الثَّلَاثِ فَصَاعِدًا.
فَإِنْ ذَكَرُوا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: ٤] .
قُلْنَا: الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْعَرَبِ: أَنَّ كُلَّ اثْنَيْنِ مِنْ اثْنَيْنِ فَإِنَّهُ يُخْبِرُ عَنْهُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ، وَقَدْ قَالَ الرَّاجِزُ:
وَمَهْمَهَيْنِ قَذَفَيْنِ مَرَّتَيْنِ ... ظَهْرَاهُمَا مِثْلُ ظُهُورِ التُّرْسَيْنِ
فَإِنْ قِيلَ: الْجَمْعُ ضَمُّ شَيْءٍ إلَى شَيْءٍ فَالِاثْنَانِ جَمْعٌ؟
قُلْنَا: هَذَا بَاطِلٌ، وَلَوْ كَانَ كَمَا قُلْتُمْ لَجَازَ أَنْ نُخْبِرَ عَنْ الْوَاحِدِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ فَيُقَالُ: زَيْدٌ قَامُوا، وَالرَّجُلُ قَتَلُوا؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ أَيْضًا أَجْزَاءٌ مَجْمُوعٌ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ بَيْعُ سِلْعَةٍ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَهُ الثَّمَنَ فِي مَكَان مُسَمًّى]
١٤٥٦ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ بَيْعُ سِلْعَةٍ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَهُ الثَّمَنَ فِي مَكَان مُسَمًّى وَلَا عَلَى