أَوْ لَمْ يَبِعْهُ، وَلَا سَبِيلَ إلَى قِسْمٍ ثَالِثٍ.
فَإِنْ كَانَ بَاعَهُ فَقَدْ مَلَكَهُ غَيْرُهُ فَبِأَيِّ حُكْمٍ تُفْسَخُ صَفْقَةُ مُسْلِمٍ قَدْ تَمَّتْ؟ وَبِأَيِّ حُكْمٍ يُعْتِقُ زَيْدٌ عَبْدَ عَمْرٍو؟ إنَّ هَذَا لَعَجَبٌ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَبِعْهُ - فَمَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَذَرَ عِتْقَهُ إنْ بَاعَهُ - وَهُوَ لَمْ يَبِعْهُ - وَهَذَا نَفْسُهُ لَازِمٌ لِلشَّافِعِيِّ سَوَاءٌ سَوَاءٌ فَظَهَرَ فَسَادُ أَقْوَالِهِمْ - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: مَنْ قَالَ: إنْ دَخَلَ غُلَامِي دَارَ زَيْدٍ فَهُوَ حُرٌّ - ثُمَّ بَاعَهُ - ثُمَّ دَخَلَ الْغُلَامُ دَارَ زَيْدٍ بَعْدَ مُدَّةٍ، فَإِنَّهُ يُفْسَخُ الْبَيْعُ فِيهِ، وَيُعْتَقُ عَلَى بَائِعِهِ.
وَلَعَمْرِي مَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ بِبَعِيدٍ مِنْ قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى؛ لِأَنَّهُمْ كُلُّهُمْ قَدْ اعْتِقُوهُ عَلَيْهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ، وَأَبْطَلُوا صَفْقَةَ الْمُشْتَرِي وَصِحَّةَ مِلْكِهِ - وَلَيْتَ شِعْرِي مَاذَا يَقُولُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى إنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْغُلَامُ دَارَ زَيْدٍ؟ أَيُفْسَخُ عِتْقُهُ ثُمَّ يُعْتِقُهُ عَلَى بَائِعِهِ؟ أَوْ كَانَتْ أَمَةً فَأَوْلَدَهَا الْمُشْتَرِي، ثُمَّ دَخَلَتْ الدَّارَ؟
[مَسْأَلَةٌ قَالَ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ]
١١١٦ - مَسْأَلَةٌ: وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ قَالَ: لِلَّهِ تَعَالَى عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ، أَوْ قَالَ: بَدَنَةً، أَوْ قَالَ: مِائَةَ دِرْهَمٍ، أَوْ شَيْءٍ مِنْ الْبُرِّ، هَكَذَا لَمْ يُعَيِّنْهُ -: فَإِنَّ هَذَا كُلَّهُ نَذْرٌ لَازِمٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْذُرْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ لَا يَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي نَذَرَ لَيْسَ مُعَيَّنًا فَيَكُونُ مُشَارًا إلَيْهِ مُخْبَرًا عَنْهُ، فَإِنَّمَا نَذَرَ عِتْقًا فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ صَدَقَةً فِي ذِمَّتِهِ.
بُرْهَانُ هَذَا -: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} [التوبة: ٧٥] ثُمَّ لَامَهُمْ عَزَّ وَجَلَّ إذْ لَمْ يَفُوا بِذَلِكَ إذْ آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ -: فَخَرَجَ هَذَا عَلَى مَا الْتَزَمَ فِي الذِّمَّةِ جُمْلَةً، وَخَرَجَ نَهْيُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عَنْ النَّذْرِ فِيمَا لَا يَمْلِكُ عَلَى مَا نَذَرَ فِي مُعَيَّنٍ لَا يَمْلِكُهُ.
وَيَدْخُلُ فِي الْقِسْمِ اللَّازِمِ مَنْ نَذَرَ عِتْقَ أَوَّلِ عَبْدٍ يَمْلِكُهُ، أَوْ أَوَّلِ وَلَدٍ تَلِدُهُ أَمَتُهُ، وَفِي هَذَا نَظَرٌ؟ وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ أَعْتَقَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِائَةَ رَقَبَةٍ وَحَمَلَ عَلَى مِائَةِ بَعِيرٍ ثُمَّ أَعْتَقَ فِي الْإِسْلَامِ مِائَةَ رَقَبَةٍ، وَحَمَلَ عَلَى مِائَةِ بَعِيرٍ قَالَ حَكِيمٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَشْيَاءُ كُنْتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute