وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، وَلَا حُجَّةَ إلَّا فِي نَصٍّ -. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ، وَبِهِ نَتَأَيَّدُ.
[مَسْأَلَة مُكَاتَبَة بَعْض عَبْد]
١٧٠١ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا تَجُوزُ كِتَابَةُ بَعْضِ عَبْدٍ وَلَا كِتَابَةُ شِقْصٍ لَهُ فِي عَبْدٍ مَعَ غَيْرِهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: ٣٣] وَلَيْسَ بَعْضُ الْعَبْدِ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُ مَالِك بَعْضِهِ، وَلَا يُقَالُ فِيهِ: إنَّهُ مِلْكُ يَمِينِهِ أَصْلًا، وَلَا أَنَّهُ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ، وَمَنْ قَالَ ذَلِكَ فَقَدْ كَذَبَ بِيَقِينٍ. فَلَوْ اتَّفَقَ الشَّرِيكَانِ مَعًا عَلَى كِتَابَةِ عَبْدِهِمَا أَوْ أَمَتِهِمَا مَعًا بِلَا فَصْلٍ جَازَ ذَلِكَ، لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ مُخَاطَبُونَ بِالْآيَةِ بِخِلَافِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ لِسَادَاتِ الْمُشْتَرَكِ - وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً: هَذَا الْعَبْدُ مِلْكُ يَمِينِكُمْ، وَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ، فَكَانَ فِعْلُهُمَا هَذَا دَاخِلًا فِي أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ صِحَّةِ خَبَرِ بَرِيرَةَ وَأَنَّهَا مُكَاتَبَةٌ لِجَمَاعَةٍ، هَكَذَا فِي نَصِّ الْخَبَرِ.
[مَسْأَلَة تَعْجِيل نجوم الْكِتَابَة]
١٧٠٢ - مَسْأَلَةٌ: وَإِنْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ نَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا، أَوْ إلَى أَجَلٍ، فَأَرَادَ الْعَبْدُ تَعْجِيلَهَا كُلَّهَا، أَوْ تَعْجِيلَ بَعْضِهَا قَبْلَ أَجَلِهِ: لَمْ يَلْزَمْ السَّيِّدَ قَبُولُ ذَلِكَ، وَلَا عِتْقَ الْعَبْدِ، وَهِيَ إلَى أَجَلِهَا، وَكُلُّ نَجْمٍ مِنْهَا إلَى أَجَلِهِ. لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١] . وَلَيْتَ شِعْرِي أَيْنَ مَنْ خَالَفَنَا عَنْ احْتِجَاجِهِمْ بِ «الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» . وَقَالَ مَالِكٌ: يُجْبَرُ عَلَى قَبْضِ ذَلِكَ وَتَعْجِيلِ الْعِتْقِ لِلْمُكَاتَبِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أُجْبِرَ السَّيِّدُ عَلَى قَبُولِهَا، وَإِنْ كَانَتْ عُرُوضًا لَمْ يُجْبَرْ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ: فَتَقْسِيمٌ فَاسِدٌ، لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ لَا مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا سُنَّةٍ، وَلَا رِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ، وَلَا قَوْلِ أَحَدٍ نَعْلَمُهُ قَبْلَهُ، وَلَا قِيَاسٍ، وَمَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ بِلَا شَكٍّ. وَقَدْ يَكُونُ لِلسَّيِّدِ غَرَضٌ فِي تَأْجِيلِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَمَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ مِنْ خَوْفٍ لَحِقَهُ أَوْ رَجَاءِ ارْتِفَاعِ سِعْرٍ لِدَيْنِهِ مِنْهُمَا، كَمَا فِي الْعُرُوضِ وَلَا فَرْقَ.
وَأَمَّا الْمَالِكِيُّونَ: فَإِنَّهُمْ أَوْهَمُوا أَنَّهُمْ يَحْتَجُّونَ بِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْجَهْمِ نا الْوَزَّانُ نا عَلِيٌّ نا مُعَاذٌ الْعَنْبَرِيُّ نا عَلِيُّ بْنُ سُوَيْد بْنِ مَنْجُوفٍ نا أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ أَبِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute