حُجَّةَ لَهُ فِيهِ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقُلْ إنِّي أَجَزْتهمَا مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمَا ابْنَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُضِيفَ إلَيْهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَا لَمْ يُخْبِرْ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ، وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يُجِيزَهُمَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ، لِأَنَّهُ كَانَ يَوْمَ حِصَارٍ فِي الْمَدِينَةِ نَفْسِهَا، يَنْتَفِعُ فِيهِ بِالصِّبْيَانِ فِي رَمْيِ الْحِجَارَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَمْ يُجِزْهُ يَوْمَ أُحُدٍ لِأَنَّهُ كَانَ يَوْمَ قِتَالٍ بَعُدُوا فِيهِ عَنْ الْمَدِينَةِ فَلَا يَحْضُرُهُ إلَّا أَهْلُ الْقُوَّةِ وَالْجَلَدِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ أَنَّهُمَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ أَكْمَلَا مَعًا خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا لَا بِنَصٍّ وَلَا بِدَلِيلٍ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يُقَالُ فِي اللُّغَةِ لِمَنْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ عَامًا الشَّهْرُ وَالشَّهْرَانِ: هَذَا ابْنُ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا، فَبَطَلَ التَّعَلُّقُ بِهَذَا الْخَبَرِ جُمْلَةً. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة إزَالَة النَّجَاسَة وكل مَا أَمَرَ اللَّه تَعَالَى بإزالته فرض]
١٢٠ - مَسْأَلَةٌ: وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ وَكُلِّ مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِإِزَالَتِهِ فَهُوَ فَرْضٌ. هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَنْقَسِمُ أَقْسَامًا كَثِيرَةً، يَجْمَعُهَا أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاجْتِنَابِهِ أَوْ جَاءَ نَصٌّ بِتَحْرِيمِهِ، أَوْ أَمَرَ كَذَلِكَ بِغَسْلِهِ أَوْ مَسْحِهِ، فَكُلُّ ذَلِكَ فَرْضٌ يَعْصِي مَنْ خَالَفَهُ، لِمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ مِنْ أَنَّ طَاعَتَهُ تَعَالَى وَطَاعَةَ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرْضٌ. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة كَيْفِيَّة تَطْهِير النَّجَاسَة الَّتِي فِي الْخَفّ أَوْ النَّعْل]
١٢١ - مَسْأَلَةٌ: فَمَا كَانَ فِي الْخُفِّ أَوْ النَّعْلِ مِنْ دَمٍ أَوْ خَمْرٍ أَوْ عَذِرَةٍ أَوْ بَوْلٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَتَطْهِيرُهُمَا بِأَنْ يُمْسَحَا بِالتُّرَابِ حَتَّى يَزُولَ الْأَثَرُ ثُمَّ يُصَلَّى فِيهِمَا، فَإِنْ غَسَلَهُمَا أَجْزَأَهُ إذَا مَسَّهُمَا بِالتُّرَابِ قَبْلَ ذَلِكَ. بُرْهَانُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الدَّمِ وَالْخَمْرِ وَالْعَذِرَةِ وَالْبَوْلِ حَرَامٌ، وَالْحَرَامُ فَرْضٌ اجْتِنَابُهُ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ. حَدَّثَنَا حَمَامٌ ثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ الْوَاشِحِيُّ ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي نَعَامَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، فَخَلَعَ الْقَوْمُ نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: لِمَ خَلَعْتُمْ نِعَالَكُمْ؟ قَالُوا: رَأَيْنَاكَ خَلَعْتَ فَخَلَعْنَا، فَقَالَ: إنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا» قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَلْيَنْظُرْ إلَى نَعْلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا قَذَرٌ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute