يَسَارِهِ قَبْلَ أَنْ يَشْرَعَ فِي الصَّوْمِ، وَبَيْنَ يَسَارِهِ بَعْدَ أَنْ يَشْرَعَ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْحُكْمُ لِلْحَالِ الَّتِي أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا عَلَيْهِ مَا أَوْجَبَ.
وَنَسْأَلُهُمْ كُلَّهُمْ عَمَّنْ حَنِثَ وَهُوَ مُعْسِرٌ: هَلْ عَلَيْهِ لِلَّهِ تَعَالَى كَفَّارَةٌ مُفْتَرَضَةٌ؟ أَمْ لَيْسَ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ مُفْتَرَضَةٌ، وَلَا بُدَّ مِنْ أَحَدِهِمَا؟ فَمِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ كَفَّارَةً مُفْتَرَضَةً - وَلَوْ قَالُوا: غَيْرَ هَذَا لَخَالَفُوا نَصَّ الْقُرْآنِ بِلَا بُرْهَانٍ؛ فَإِذْ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ وَلَا بُدَّ، فَنَسْأَلُهُمْ مَا هِيَ؟ فَإِنْ قَالُوا: هِيَ الَّتِي افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ فِي الْقُرْآنِ؟ قُلْنَا: صَدَقْتُمْ، فَإِذْ قَدْ أَقْرَرْتُمْ بِذَلِكَ فَمِنْ أَيْنَ سَقَطَتْ عِنْدَكُمْ بِيَسَارِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ هَذَا فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِي السُّنَّةِ؟ وَمَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ بِلَا شَكٍّ.
وَإِنْ قَالُوا: هِيَ غَيْرُ الَّتِي افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ، أَوْ قَسَمُوا كَانُوا قَائِلِينَ بِلَا بُرْهَانٍ، وَكَفَوْنَا مُؤْنَتَهُمْ - وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ -.
وَقَوْلُنَا هَذَا هُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَأَصْحَابِهِ.
[مَسْأَلَةٌ مَا يُجْزِئُ فِي الْعِتْقِ فِي كَفَّارَة الْيَمِين]
١١٨٣ - مَسْأَلَةٌ
وَيُجْزِئُ فِي الْعِتْقِ فِي كُلِّ ذَلِكَ: الْكَافِرُ، وَالْمُؤْمِنُ، وَالصَّغِيرُ، وَالْكَبِيرُ، وَالْمَعِيبُ، وَالسَّالِمُ، وَالذَّكَرُ، وَالْأُنْثَى، وَوَلَدُ الزِّنَى، وَالْمُخْدِمُ، وَالْمُؤَاجِرُ، وَالْمَرْهُونُ، وَأُمُّ الْوَلَدِ، وَالْمُدَبَّرَةُ، وَالْمُدَبَّرُ، وَالْمَنْذُورُ عِتْقُهُ، وَالْمُعْتَقُ إلَى أَجَلٍ، وَالْمُكَاتَبُ مَا لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا، فَإِنْ كَانَ أَدَّى مِنْ كِتَابَتِهِ مَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ لَمْ يُجْزِ فِي ذَلِكَ، وَلَا يُجْزِئُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى الْمَرْءِ بِحُكْمٍ وَاجِبٍ، وَلَا نِصْفَا رَقَبَتَيْنِ.
وَقَدْ ذَكَرْنَا كُلَّ ذَلِكَ فِي " كِتَابِ الصِّيَامِ " فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ.
وَعُمْدَةُ الْبُرْهَانِ فِي ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة: ٨٩] . فَلَمْ يَخُصَّ رَقَبَةً مِنْ رَقَبَةٍ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] .
فَإِنْ قَالُوا: قِسْنَا الرَّقَبَةَ فِي هَذَا عَلَى رَقَبَةِ الْقَتْلِ لَا تُجْزِئُ إلَّا مُؤْمِنَةٌ؟ قُلْنَا: فَقِيسُوهَا عَلَيْهَا فِي تَعْوِيضِ الْإِطْعَامِ مِنْهَا.
فَإِنْ قَالُوا: لَا نَفْعَلُ، لِأَنَّنَا نُخَالِفُ الْقُرْآنَ وَنَزِيدُ عَلَى مَا فِيهِ؟ قُلْنَا: وَزِيَادَتُكُمْ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَنْ تَكُونَ مُؤْمِنَةً وَلَا بُدَّ خِلَافٌ لِلْقُرْآنِ وَزِيَادَةٌ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute