أَيَّامِ التَّضْحِيَةِ فَلَا يُجِيزُوا التَّضْحِيَةَ فِيهَا إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَإِلَّا فَقَدْ تَنَاقَضُوا وَظَهَرَ فَسَادُ قَوْلِهِمْ، وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ السَّلَفِ قَبْلَ مَالِكٍ مَنَعَ مِنْ التَّضْحِيَةِ لَيْلًا.
[مَسْأَلَةٌ لِلْمُضَحِّي أَنْ يَذْبَحَ أُضْحِيَّتَهُ بِيَدِهِ]
٩٨٣ - مَسْأَلَةٌ: وَنَسْتَحِبُّ لِلْمُضَحِّي رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً أَنْ يَذْبَحَ أُضْحِيَّتَهُ أَوْ يَنْحَرَهَا بِيَدِهِ، فَإِنْ ذَبَحَهَا أَوْ نَحَرَهَا لَهُ بِأَمْرِهِ مُسْلِمٌ غَيْرُهُ أَوْ كِتَابِيٌّ أَجْزَأَهُ وَلَا حَرَجَ فِي ذَلِكَ -: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى نَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقَرْنَيْنِ وَرَأَيْتُهُ يَذْبَحُهُمَا بِيَدِهِ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا وَسَمَّى اللَّهَ وَكَبَّرَ» قَالَ مُسْلِمٌ نَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ نَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ نَا شُعْبَةُ أَنَا قَتَادَةُ قَالَ: سَمِعْت أَنَسًا فَذَكَرَ مِثْلَ هَذَا الْحَدِيثِ، فَنَحْنُ نَسْتَحِبُّ الِاقْتِدَاءَ بِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي هَذَا قَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: ٥] وَإِنَّمَا عَنَى عَزَّ وَجَلَّ بِيَقِينٍ مَا يُذَكُّونَهُ لَا مَا يَأْكُلُونَهُ، لِأَنَّهُمْ يَأْكُلُونَ الْمَيْتَةَ، وَالدَّمَ، وَالْخِنْزِيرَ، وَمَا عُمِلَ بِالْخَمْرِ وَظَهَرَتْ فِيهِ؛ فَإِذْ ذَبَائِحُهُمْ وَنَحَائِرُهُمْ حَلَالٌ، فَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ الْأُضْحِيَّةِ وَغَيْرِهَا لَا وَجْهَ لَهُ.
وَقَوْلُنَا هَذَا هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ قُلْت لِإِبْرَاهِيمَ: صَبِيٌّ لَهُ ظِئْرٌ يَهُودِيٌّ أَيَذْبَحُ أُضْحِيَّتَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: أَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، وَمَعْمَرٌ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ عَطَاءٌ، وَقَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ الزُّهْرِيُّ، ثُمَّ اتَّفَقَ عَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيُّ قَالَا جَمِيعًا: يَذْبَحُ نُسُكَك الْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ إنْ شِئْت، قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَالْمَرْأَةُ إنْ شِئْت.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَذْبَحُهَا إلَّا مُسْلِمٌ، فَإِنْ ذَبَحَهَا كِتَابِيٌّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَضْمَنُهَا.
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: لَا يَذْبَحُ أَضَاحِيَّكُمْ الْيَهُودُ، وَلَا النَّصَارَى، لَا يَذْبَحُهَا إلَّا مُسْلِمٌ - وَعَنْ جَرِيرٍ عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا يَذْبَحُ أُضْحِيَّتَك إلَّا مُسْلِمٌ.
وَعَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ: لَا يَذْبَحُ النُّسُكَ إلَّا مُسْلِمٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute