فَيَسْتَأْجِرُ الدَّارَ بِكَلْبٍ مُعَيَّنٍ أَوْ كَلْبٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ، وَبِثَمَرَةٍ قَدْ ظَهَرَتْ وَلَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا، وَبِمَاءٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ أَوْ مُعَيَّنٍ مُحَرَّزٍ، أَوْ بِهِرٍّ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَيْسَتْ بَيْعًا، وَإِنَّمَا نُهِيَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَنْ الْبَيْعِ - وَقِيَاسُ الْإِجَارَةِ عَلَى الْبَيْعِ بَاطِلٌ لَوْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا، فَكَيْفَ وَهُوَ كُلُّهُ بَاطِلٌ؟ لِأَنَّهُمْ مُوَافِقُونَ لَنَا عَلَى إجَارَةِ الْحُرِّ نَفْسَهُ، وَتَحْرِيمِهِمْ لِبَيْعِهِ، وَلِأَنَّ الْبَيْعَ تَمْلِيكٌ لِلْأَعْيَانِ بِالنَّقْلِ لَهَا عَنْ مِلْكٍ آخَرَ، وَالْإِجَارَةُ تَمْلِيكُ مَنَافِعَ لَمْ تَحْدُثْ بَعْدُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ
[مَسْأَلَةٌ الْإِجَارَةُ الْفَاسِدَةُ إنْ أُدْرِكَتْ فُسِخَتْ]
١٣٠١ - مَسْأَلَةٌ: وَالْإِجَارَةُ الْفَاسِدَةُ إنْ أُدْرِكَتْ فُسِخَتْ، أَوْ مَا أُدْرِكَ مِنْهَا، فَإِنْ فَاتَتْ أَوْ فَاتَ شَيْءٌ مِنْهَا قُضِيَ فِيهَا أَوْ فِيمَا فَاتَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ} [البقرة: ١٩٤] فَمَنْ اسْتَغَلَّ مَالَ غَيْرٍ بِغَيْرِ حَقٍّ فَهِيَ حُرْمَةٌ انْتَهَكَهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يُقَاصَّ بِمِثْلِهِ مِنْ مَالِهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ الْإِجَارَةُ عَلَى الصَّلَاةِ وَالْأَذَانِ]
١٣٠٢ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى الصَّلَاةِ، وَلَا عَلَى الْأَذَانِ، لَكِنْ إمَّا أَنْ يُعْطِيَهُمَا الْإِمَامُ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِ الصِّلَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَهُمَا أَهْلُ الْمَسْجِدِ عَلَى الْحُضُورِ مَعَهُمْ عِنْد حُلُولِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ فَقَطْ مُدَّةً مُسَمَّاةً، فَإِذَا حَضَرَ تَعَيَّنَ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ عَلَى مَنْ يَقُومُ بِهِمَا.
وَكَذَلِكَ لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى كُلِّ وَاجِبٍ تَعَيَّنَ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ صَوْمٍ، أَوْ صَلَاةٍ، أَوْ حَجٍّ، أَوْ فَتِيًّا، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَا عَلَى مَعْصِيَةٍ أَصْلًا؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ؛ لِأَنَّ الطَّاعَةَ الْمُفْتَرَضَةَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ عَمَلِهَا، وَالْمَعْصِيَةُ فَرْضٌ عَلَيْهِ اجْتِنَابُهَا فَأَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى ذَلِكَ لَا وَجْهَ لَهُ، فَهُوَ أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ.
وَكَذَلِكَ تَطَوُّعُ الْمَرْءِ عَنْ نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ أَيْضًا اشْتِرَاطُ أَخْذِ مَالٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى.
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ أَشْعَثَ - هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحُمْرَانِيُّ - عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ: «كَانَ آخِرُ مَا عَهِدَ إلَيَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا أَتَّخِذَ مُؤَذِّنًا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا» .
[مَسْأَلَةٌ لِلْمَرْءِ أَنْ يَأْخُذَ الْأُجْرَةَ عَلَى أَدَاء شَيْء عَنْ غَيْرِهِ]
١٣٠٣ - مَسْأَلَةٌ: وَجَائِزٌ لِلْمَرْءِ أَنْ يَأْخُذَ الْأُجْرَةَ عَلَى فِعْلِ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِ، مِثْلَ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute