وَأَمَّا مِنْ النَّظَرِ: فَلَيْسَ إلَّا مِلْكٌ صَحِيحٌ، ثُمَّ تَصَرَّفَ فِيمَا صَحَّ الْمِلْكُ فِيهِ وَلَا مَزِيدَ، فَتَمَلُّكُ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ بِالْجُزْءِ الْمُشَاعِ كَمَا مَلَكَهُ الْوَاهِبُ وَالْمُتَصَدِّقُ، وَلَا فَرْقَ أَلْبَتَّةَ - وَيَتَصَرَّفُ الْمَوْهُوبُ لَهُ، وَالْمُتَصَدِّقُ؛ وَالْمُكْتَرِي، كَمَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ الْوَاهِبُ، وَالْمُتَصَدِّقُ، وَالْمُكْتَرِي، وَوُكَلَاؤُهُمْ وَلَا فَرْقَ، وَتَكُونُ يَدُ الْمُرْتَهِنِ عَلَيْهِ كَمَا هِيَ عَلَيْهِ يَدُ الرَّاهِنِ وَوَكِيلُهُ وَلَا فَرْقَ - وَهَذَا لَا مُخَلِّصَ لَهُمْ مِنْهُ أَصْلًا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ أَعْطَى شَيْئًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ مِنْ جُمْلَةٍ]
١٦٣٦ - مَسْأَلَةٌ: وَأَمَّا إذَا أَعْطَى شَيْئًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ مِنْ جُمْلَةٍ، أَوْ عَدَدًا كَذَلِكَ، أَوْ ذَرْعًا كَذَلِكَ، أَوْ وَزْنًا كَذَلِكَ، أَوْ كَيْلًا كَذَلِكَ، فَهُوَ بَاطِلٌ لَا يَجُوزُ، مِثْلُ: أَنْ يُعْطِيَ دِرْهَمًا مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ، أَوْ دَابَّةً مِنْ هَذِهِ الدَّوَابِّ أَوْ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ مِنْ هَذِهِ الدَّنَانِيرِ، أَوْ رِطْلًا مِنْ هَذَا الدَّقِيقِ، أَوْ صَاعًا مِنْ هَذَا التَّمْرِ، أَوْ ذِرَاعًا مِنْ هَذَا الثَّوْبِ، وَهَكَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَالصَّدَقَةُ بِكُلِّ هَذَا، وَالْهِبَةُ وَالْإِصْدَاقُ، وَالْبَيْعُ، وَالرَّهْنُ، وَالْإِجَارَةُ، بَاطِلٌ كُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ فِيمَا اخْتَلَفَتْ أَبْعَاضُهُ أَوْ لَمْ تَخْتَلِفْ - لَا لِشَرِيكٍ وَلَا لِغَيْرِهِ، وَلَا لِغَنِيٍّ وَلَا لِفَقِيرٍ - لِأَنَّهُ لَمْ يُوقِعْ الْهِبَةَ وَلَا الصَّدَقَةَ، وَلَا الْإِصْدَاقَ، وَلَا الرَّهْنَ، وَلَا الْإِجَارَةَ عَلَى شَيْءٍ أَبَانَهُ عَنْ مِلْكِهِ، أَوْ أَوْقَعَ فِيهِ حُكْمَ الرَّهْنِ، أَوْ الْإِجَارَةِ، فَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَلَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ مِنْ تِلْكَ الْجُمْلَةِ عَنْ مِلْكِهِ، وَلَا أَوْقَعَ فِيهِ حُكْمًا -: فَلَا شَيْءَ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا هُوَ أَكْلُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ، وَهَذَا خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الْجُزْءَ الْمُسَمَّى مُتَيَقَّنٌ أَنَّهُ لَا جُزْءَ إلَّا وَفِيهِ حَظٌّ لِلْمُشْتَرِي، أَوْ الْمُصَدِّقِ، أَوْ الْمَوْهُوبِ لَهُ، أَوْ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ، أَوْ الْمُرْتَهِنِ، أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ -: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ سَأَلْت الزُّهْرِيَّ عَنْ الرَّجُلِ يَكُونُ شَرِيكًا لِأَبِيهِ فَيَقُولُ لَهُ أَبُوهُ: لَك مِائَةُ دِينَارٍ مِنْ الْمَالِ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَك؟ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: قَضَى أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، حَتَّى يَحُوزَهُ مِنْ الْمَالِ وَيَعْزِلَهُ.
وَبِهِ إلَى مَعْمَرٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ الْفَضْلِ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مِنْ النَّحْلِ، إلَّا مَا أُفْرِدَ، وَعُزِلَ، وَأُعْلِمَ.
[مَسْأَلَة مَنْ أُعْطِي شَيْئًا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ]
١٦٣٧ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ أُعْطِي شَيْئًا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ، فَفَرَضَ عَلَيْهِ قَبُولَهُ، وَلَهُ أَنْ يَهَبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ - إنْ شَاءَ - لِلَّذِي وَهَبَهُ لَهُ، وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي الصَّدَقَةِ، وَالْهَدِيَّةِ، وَسَائِرِ وُجُوهِ النَّفْعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute