للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ الْمُسَاوَمَةُ أَيْضًا جَائِزَةٌ تَبَايَعَا أَوْ لَمْ يَتَبَايَعَا لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ نَهْيٌ عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَكُلُّ مَا حُرِّمَ عَلَيْنَا فَقَدْ فُصِّلَ بِاسْمِهِ، قَالَ تَعَالَى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: ١١٩]

فَكُلُّ مَا لَمْ يُفَصَّلُ لَنَا تَحْرِيمُهُ فَهُوَ حَلَالٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، إذْ لَيْسَ فِي الدِّينِ إلَّا فَرْضٌ أَوْ حَرَامٌ أَوْ حَلَالٌ، فَالْفَرْضُ مَأْمُورٌ بِهِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَالْحَرَامُ مُفَصَّلٌ بِاسْمِهِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَمَا عَدَا هَذَيْنِ فَلَيْسَ فَرْضًا وَلَا حَرَامًا فَهُوَ بِالضَّرُورَةِ: حَلَالٌ إذْ لَيْسَ هُنَالِكَ قِسْمٌ رَابِعٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقِ.

[مَسْأَلَة بَيْع بدل دَرَاهِم بأوزن مِنْهَا]

١٥٠٢ - مَسْأَلَةٌ:

وَلَا يَحِلُّ بَدَلُ دَرَاهِمَ بِأَوْزَنَ مِنْهَا لَا بِالْمَعْرُوفِ وَلَا بِغَيْرِهِ وَهَذَا هُوَ الْمُنْكَرُ لَا الْمَعْرُوفُ، لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا آنِفًا عَنْ عُمَرَ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَهُوَ قَوْلُ النَّاسِ، وَأَجَازَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَمَا نَعْلَمُ لَهُ مُوَافِقًا قَبْلَهُ مِمَّنْ رَأَى الرِّبَا فِي النَّقْدِ.

[مَسْأَلَة بَيْع آنِيَة ذهب أَوْ فِضَّة قَبْل كسرها]

١٥٠٣ - مَسْأَلَةٌ:

وَلَا يَحِلُّ بَيْعُ آنِيَةٍ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ إلَّا بَعْدَ كَسْرِهَا لِصِحَّةِ نَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهَا وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي " كِتَابِ الطَّهَارَةِ " فَلَا يَحِلُّ تَمَلُّكُهَا فَإِذْ لَا يَحِلُّ تَمَلُّكُهَا فَلَا يَحِلُّ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّهَا أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ.

وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة بَيْع نصف درهم بِعَيْنِهِ]

١٥٠٤ - مَسْأَلَةٌ:

وَجَائِزٌ أَنْ يَبْتَاعَ الْمَرْءُ نِصْفَ دِرْهَمٍ بِعَيْنِهِ، أَوْ نِصْفَ دَرَاهِمَ بِأَعْيَانِهَا، أَوْ نِصْفَ دِينَارٍ كَذَلِكَ، أَوْ نِصْفَ دَنَانِيرَ بِأَعْيَانِهَا مُشَاعًا: يَبْتَاعُ الْفِضَّةَ بِالذَّهَبِ، وَالذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ، وَيَتَّفِقَانِ عَلَى إقْرَارِهَا عِنْدَ أَحَدِهِمَا أَوْ عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ.

وَلَا يَجُوزُ فِي ذَلِكَ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ أَصْلًا، وَلَا فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ أَصْلًا، لِأَنَّهُ يَصِيرُ عَيْنًا بِغَيْرِ عَيْنٍ، وَهَذَا لَا يَحِلُّ إلَّا عَيْنًا بِعَيْنٍ عَلَى مَا قَدَّمْنَا وَأَمَّا الذَّهَبُ بِالْفِضَّةِ مُشَاعًا، فَلَمْ يَأْتِ بِالنَّهْيِ عَنْهُ نَصٌّ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤]

[مَسْأَلَة الْبَيْع بِدِينَارِ إلَّا درهما]

١٥٠٥ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ بَيْعٌ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا؛ فَإِنْ وَقَعَ فَهُوَ بَاطِلٌ مَفْسُوخٌ؛ لِأَنَّهُ إخْرَاجٌ لَقِيمَةِ الدِّرْهَمِ مِنْ الدِّينَارِ، فَصَارَ اسْتِثْنَاءً مَجْهُولًا، إذْ بَاعَ بِدِينَارٍ إلَّا قِيمَةَ دِرْهَمٍ مِنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>