[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ قَالَ مَوْصُولًا بِكَلَامِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى]
مَسْأَلَةٌ
وَمَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ قَالَ مَوْصُولًا بِكَلَامِهِ: إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، أَوْ إلَّا أَنْ لَا يَشَاءَ اللَّهُ، أَوْ نَحْوَ هَذَا، أَوْ إلَّا أَنْ أَشَاءَ، أَوْ إلَّا أَنْ لَا أَشَاءَ، أَوْ إلَّا إنْ بَدَّلَ اللَّهُ مَا فِي قَلْبِي، أَوْ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ إلَيَّ، أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلَانٌ، أَوْ إنْ شَاءَ فُلَانٌ، فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ صَحِيحٌ وَقَدْ سَقَطَتْ الْيَمِينُ عَنْهُ بِذَلِكَ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إنْ خَالَفَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ.
فَلَوْ لَمْ يَصِلْ الِاسْتِثْنَاءُ بِيَمِينِهِ لَكِنْ قُطِعَ قَطْعَ تَرْكٍ لِلْكَلَامِ ثُمَّ ابْتَدَأَ الِاسْتِثْنَاءَ لَمْ يَنْتَفِعْ بِذَلِكَ، وَقَدْ لَزِمَتْهُ الْيَمِينُ، فَإِنْ حَنِثَ فِيهَا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ.
وَلَا يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ إلَّا بِاللَّفْظِ، وَأَمَّا بِنِيَّةٍ دُونَ لَفْظٍ فَلَا، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ} [المائدة: ٨٩] فَهَذَا لَمْ يُعَقِّدْ الْيَمِينَ.
وَنَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَوْ شَاءَ تَمَامَ تِلْكَ الْيَمِينِ لَأَنْفَذَهَا، وَأَتَمَّهَا، فَإِذْ لَمْ يُنَفِّذْهَا عَزَّ وَجَلَّ وَلَا أَتَمَّهَا، فَنَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَشَأْ كَوْنَهَا وَهُوَ إنَّمَا الْتَزَمَهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَاَللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَشَأْهَا، فَلَمْ يَلْتَزِمْهَا قَطُّ.
وَكَذَلِكَ اشْتِرَاطُهُ مَشِيئَةَ نَفْسِهِ، أَوْ مَشِيئَةَ زَيْدٍ، لِأَنَّ مَشِيئَتَهُ لَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْ قِبَلِهِ فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِيهَا - وَمَشِيئَةُ زَيْدٍ لَا نَدْرِي أَصَدَقَ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ شَاءَ أَوْ لَمْ يَصْدُقْ؟ وَلَا نَدْرِي أَيْضًا أَصَدَقَ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَشَأْ أَوْ لَمْ يَصْدُقْ؟ فَلَسْنَا عَلَى يَقِينٍ مِنْ لُزُومِ هَذِهِ الْيَمِينِ الَّتِي حَلَفَ بِهَا، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ نُلْزِمَهُ كَفَّارَةً بِالشَّكِّ.
وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ نا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ ابْنِ طَاوُوسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ حَلَفَ فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ، لَمْ يَحْنَثْ» وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ نا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ نا مُسَدَّدٌ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ التَّنُّورِيِّ - عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ حَلَفَ فَاسْتَثْنَى فَإِنْ شَاءَ رَجَعَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ غَيْرَ حِنْثٍ» فَهَذَا عُمُومٌ لِكُلِّ اسْتِثْنَاءٍ كَمَا ذَكَرْنَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute