فَصَحَّ بِنَصِّ الْقُرْآنِ أَنَّ الْمَجْنُونَ، وَالصَّغِيرَ: مَمْنُوعَانِ مِنْ أَمْوَالِهِمَا حَتَّى يَعْقِلَ الْأَحْمَقُ، وَيَبْلُغَ الصَّغِيرُ - فَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُمَا حُكْمٌ فِي أَمْوَالِهِمَا أَصْلًا، وَتَخْصِيصُ الْوَصِيَّةِ فِي ذَلِكَ خَطَأٌ.
وَكَذَلِكَ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ» فَذَكَرَ فِيهِمْ الصَّغِيرَ حَتَّى يَبْلُغَ - فَصَحَّ أَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة وَصِيَّة الْعَبْد]
١٧٦٥ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا تَجُوزُ وَصِيَّةُ الْعَبْدِ أَصْلًا، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا جَعَلَ الْوَصِيَّةَ حَيْثُ الْمَوَارِيثُ وَالْعَبْدُ لَا يُورَثُ فَهُوَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِيمَنْ أَقَرَّ بِالْوَصِيَّةِ فِي الْقُرْآنِ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فِي وَصِيَّةٍ " مَنْ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ " وَلَيْسَ لِأَحَدٍ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ إلَّا مَنْ أَبَاحَ لَهُ النَّصُّ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ، إنَّمَا لَهُ شَيْءٌ إذَا مَاتَ صَارَ لِسَيِّدِهِ لَا يُورَثُ عَنْهُ.
فَأَمَّا مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ وَبَعْضُهُ عَبْدٌ فَوَصِيَّتُهُ كَوَصِيَّةِ الْحُرِّ؛ لِأَنَّهُ يُورَثُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ الْمَأْمُورِينَ بِالْوَصِيَّةِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة الْوَصِيَّة بِمَا لَا يتحمله الثُّلُث]
١٧٦٦ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ أَوْصَى بِمَا لَا يَحْمِلُهُ ثُلُثُهُ بُدِئَ بِمَا بَدَأَ بِهِ الْمُوصِي فِي الذِّكْرِ أَيَّ شَيْءٍ كَانَ حَتَّى يَتِمَّ الثُّلُثُ، فَإِذَا تَمَّ بَطَلَ سَائِرُ الْوَصِيَّةِ.
فَإِنْ كَانَ أَجْمَلَ الْأَمْرَ تَحَاصُّوا فِي الْوَصِيَّةِ، وَهَذَا مَكَانٌ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ -: فَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ.
وَصَحَّ عَنْ مَسْرُوقٍ، وَشُرَيْحٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ: أَنَّهُ يُبْدَأُ بِالْعِتْقِ عَلَى جَمِيعِ الْوَصَايَا.
وَقَوْلٌ آخَرُ: رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نا جَرِيرٌ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: إنَّمَا يُبْدَأُ بِالْعِتْقِ إذَا كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ سَمَّاهُ بِاسْمِهِ، فَأَمَّا إذَا قَالَ: أَعْتِقُوا عَنِّي نَسَمَةً، فَالنَّسَمَةُ وَسَائِرُ الْوَصِيَّةِ سَوَاءٌ - وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ.