للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَبْطُلُ؟

وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ عَنْ الْمَسْجِدِ - قَلَّ أَوْ كَثُرَ - مُفَارَقَةٌ لِلْعُكُوفِ وَتَرْكٌ لَهُ، وَالتَّحْدِيدُ فِي ذَلِكَ بِغَيْرِ نَصٍّ بَاطِلٌ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ خُطْوَةٍ وَخُطْوَتَيْنِ إلَى مِائَةِ أَلْفِ خُطْوَةٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ الِاعْتِكَافُ جَائِزٌ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ]

٦٣٣ - مَسْأَلَةٌ وَالِاعْتِكَافُ جَائِزٌ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ جُمِعَتْ فِيهِ الْجُمُعَةُ أَوْ لَمْ تُجْمَعْ، سَوَاءٌ كَانَ مُسْقَفًا أَوْ مَكْشُوفًا، فَإِنْ كَانَ لَا يُصَلَّى فِيهِ جَمَاعَةً وَلَا لَهُ إمَامٌ: لَزِمَهُ فَرْضًا الْخُرُوجُ لِكُلِّ صَلَاةٍ إلَى الْمَسْجِدِ تُصَلَّى فِيهِ جَمَاعَةً إلَّا أَنْ يَبْعُدَ مِنْهُ بُعْدًا يَكُونُ عَلَيْهِ فِيهِ حَرَجٌ فَلَا يَلْزَمُهُ.

وَأَمَّا الْمَرْأَةُ الَّتِي لَا يَلْزَمُهَا فَرْضُ الْجَمَاعَةِ فَتَعْتَكِفُ فِيهِ؟ وَلَا يَجُوزُ الِاعْتِكَافُ فِي رَحْبَةِ الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مِنْهُ.

وَلَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ، وَلَا لِلرَّجُلِ: أَنْ يَعْتَكِفَا - أَوْ أَحَدُهُمَا - فِي مَسْجِدِ دَارِهِ؟

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: ١٨٧] فَعَمَّ اللَّهُ تَعَالَى وَلَمْ يَخُصَّ -: فَإِنْ قِيلَ: قَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» ؟

قُلْنَا: نَعَمْ، بِمَعْنَى أَنَّهُ تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهِ، وَإِلَّا فَقَدْ جَاءَ النَّصُّ وَالْإِجْمَاعُ بِأَنَّ الْبَوْلَ وَالْغَائِطَ جَائِزٌ فِيمَا عَدَا الْمَسْجِدَ.

فَصَحَّ أَنَّهُ لَيْسَ لِمَا عَدَا الْمَسْجِدِ حُكْمُ الْمَسْجِدِ.

فَصَحَّ أَنْ لَا طَاعَةَ فِي إقَامَةٍ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ.

فَصَحَّ أَنْ لَا اعْتِكَافَ إلَّا فِي مَسْجِدٍ، وَهَذَا يُوجِبُ مَا قُلْنَا؟ وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا -: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا اعْتِكَافَ إلَّا فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ، أَحْسِبُهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: لَا اعْتِكَافَ إلَّا فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>