للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَتَاعَ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ صَلَاحًا جَازَ كَمَا قُلْنَا لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢] وَلِنَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِنَا.

[مَسْأَلَةٌ أَمَرَ أَهْلَهُ بِتَذْكِيَةِ مَا شَاءُوا مِنْ حَيَوَانِهِ أَوْ مَا احْتَاجُوا إلَيْهِ]

١٠٦٤ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ أَمَرَ أَهْلَهُ، أَوْ وَكِيلَهُ، أَوْ خَادِمَهُ بِتَذْكِيَةِ مَا شَاءُوا مِنْ حَيَوَانِهِ، أَوْ مَا احْتَاجُوا إلَيْهِ فِي حَضْرَتِهِ، أَوْ مَغِيبِهِ جَازَ ذَلِكَ، وَهِيَ ذَكَاةٌ صَحِيحَةٌ لِأَنَّهُ بِإِذْنِهِ كَانَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَتَعَدَّ الْمُذَكِّي حِينَئِذٍ - وَلَهُ ذَلِكَ فِي مَالِ نَفْسِهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ كَسْرُ قَفَا الذَّبِيحَةِ حَتَّى تَمُوتَ]

١٠٦٥ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ كَسْرُ قَفَا الذَّبِيحَةِ حَتَّى تَمُوتَ فَإِنْ فَعَلَ بَعْدَ تَمَامِ الذَّكَاةِ فَقَدْ عَصَى وَلَمْ يَحْرُمْ أَكْلُهَا بِذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَمْ يُرِحْ ذَبِيحَتَهُ، إذْ كَسَرَ عُنُقَهَا، وَلَمْ يَحْرُمْ أَكْلُهَا، لِأَنَّهُ إذَا تَمَّتْ ذَكَاتُهَا فَقَدْ حَلَّ أَكْلُهَا بِذَلِكَ إذَا مَاتَتْ.

[مَسْأَلَةٌ مَا غَابَ عَنَّا مِمَّا ذَكَّاهُ مُسْلِمٌ فَاسِقٌ أَوْ جَاهِلٌ أَوْ كِتَابِيٌّ]

١٠٦٦ - مَسْأَلَةٌ: وَكُلُّ مَا غَابَ عَنَّا مِمَّا ذَكَّاهُ مُسْلِمٌ فَاسِقٌ، أَوْ جَاهِلٌ، أَوْ كِتَابِيٌّ فَحَلَالٌ أَكْلُهُ لِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ أَبُو ثَابِتٍ الْمَدِينِيُّ - نا أُسَامَةُ بْنُ حَفْصٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ «أَنَّ قَوْمًا قَالُوا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ قَوْمًا يَأْتُونَنَا بِاللَّحْمِ لَا نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: سَمُّوا اللَّهَ أَنْتُمْ وَكُلُوا، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَكَانُوا حَدِيثِي عَهْدٍ بِكُفْرٍ» . فَإِنْ قَالُوا: وَقَدْ رَوَيْتُمْ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَفِيهِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ «اجْتَهِدُوا إيمَانَهُمْ وَكُلُوا» . قُلْنَا: نَعَمْ، رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهَذَا مُرْسَلٌ، وَالْمُرْسَلُ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ مَا تَرَدَّى إذَا أُدْرِكَ وَفِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْحَيَاةِ فَذُبِحَ]

١٠٦٧ - مَسْأَلَةٌ: وَكُلُّ مَا تَرَدَّى أَوْ أَصَابَهُ سَبُعٌ أَوْ نَطَحَهُ نَاطِحٌ، أَوْ انْخَنَقَ فَانْتَثَرَ دِمَاغُهُ، أَوْ انْقَرَضَ مُصْرَانُهُ، أَوْ انْقَطَعَ نُخَاعُهُ، أَوْ انْتَشَرَتْ حَشْوَتُهُ فَأُدْرِكَ وَفِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْحَيَاةِ فَذُبِحَ أَوْ نُحِرَ -: حَلَّ أَكْلُهُ، وَإِنَّمَا حَرَّمَ تَعَالَى مَا مَاتَ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ. بُرْهَانُهُ -: قَوْله تَعَالَى: {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣] فَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ مَا أُدْرِكَتْ ذَكَاتُهُ، وَلَا نُبَالِي مِنْ أَيِّهِمَا مَاتَ قَبْلُ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ بَلْ أَبَاحَ مَا ذَكَّيْنَا قَبْلَ الْمَوْتِ، فَلَوْ قَطَعَ السَّبُعُ حَلْقَهَا نُحِرَتْ وَحَلَّ أَكْلُهَا، وَلَوْ بَقِيَ فِي الْحَلْقِ مَوْضِعٌ يُذْبَحُ فِيهِ ذُبِحَتْ وَحَلَّ أَكْلُهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>