مُجَالِدٌ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ فِي حَدِيثِ «الْيَهُودِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ زَنَيَا لِلْيَهُودِ: ائْتُونِي بِالشُّهُودِ؟ فَشَهِدَ أَرْبَعَةٌ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَرَجَمَهُمَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مُجَالِدٌ هَالِكٌ؛ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ شِئْت أَنْ يَجْعَلَهَا لِي مُجَالِدٌ كُلَّهَا عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ لَفَعَلَ.
وَعَنْ شُعْبَةَ: أَسْتَخِيرُ اللَّهَ وَأُدَمِّرُ عَلَى مُجَالِدٍ.
وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: إنَّ مُجَالِدًا يَزِيدُ فِي الْإِسْنَادِ.
وَعَنْ ابْنِ مَعِينٍ: مُجَالِدٌ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ.
وَالْعَجَبُ كُلُّهُ مِنْ احْتِجَاجِهِمْ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ} [المائدة: ١٠٦] وَهُمْ أَوَّلُ مُخَالِفٍ لِهَذِهِ الْآيَةِ - وَقَالُوا ظَاهِرُهَا جَوَازُهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، ثُمَّ نُسِخَتْ عَنْ الْمُسْلِمِينَ، فَبَقِيَتْ عَلَى الْكُفَّارِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا تَجْلِيحٌ مِنْهُمْ بِالْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى جِهَارًا مِرَارًا. إحْدَاهَا - دَعْوَى النَّسْخِ بِلَا بُرْهَانٍ. وَالثَّانِيَةُ - قَوْلُهُمْ: إنَّ ظَاهِرَهَا جَوَازُ شَهَادَتِهِمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ إلَّا عِنْدَ حُضُورِ الْمَوْتِ حِينَ الْوَصِيَّةِ فَقَطْ، ثُمَّ تَحْلِيفُهُمَا، ثُمَّ تَحْلِيفُ الْمُسْلِمَيْنِ الشَّاهِدَيْنِ بِخِلَافِ شَهَادَتِهِمَا، فَمَا رَأَيْت أَقَلَّ حَيَاءً مِمَّنْ قَالَ مَا ذَكَرْنَا - وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْخِذْلَانِ وَالِاسْتِخْفَافِ بِالْكَذِبِ عَلَى الْقُرْآنِ.
وَالثَّالِثَةُ - قَوْلُهُمْ: نُسِخَتْ عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَبَقِيَتْ عَلَى الْكُفَّارِ - وَهَذَا بَاطِلٌ لِأَنَّ الدِّينَ كُلَّهُ وَاحِدٌ عَلَيْنَا وَعَلَى الْكُفَّارِ، وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِمْ وَلَا لَهُمْ، إلَّا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ لَنَا وَعَلَيْنَا، إلَّا حَيْثُ جَاءَ النَّصُّ بِالْفَرْقِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة شَهَادَة الْعَبْد والأمة]
١٧٩٢ - مَسْأَلَةٌ: وَشَهَادَةُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ مَقْبُولَةٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ لِسَيِّدِهِمَا وَلِغَيْرِهِ كَشَهَادَةِ الْحُرِّ وَالْحُرَّةِ وَلَا فَرْقَ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا -: فَصَحَّ مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَضَى فِي الصَّغِيرِ يَشْهَدُ بَعْدَ كِبَرِهِ، وَالنَّصْرَانِيِّ بَعْدَ إسْلَامِهِ، وَالْعَبْدِ بَعْدَ عِتْقِهِ: أَنَّهَا جَائِزَةٌ إنْ لَمْ تَكُنْ رُدَّتْ عَلَيْهِمْ -.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَعَطَاءٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِثْلَ ذَلِكَ.