وَأَيْضًا: فَمَا عَلِمْنَا حَرَامًا يُحِلُّهُ خَوْفُ ضَرَرٍ عَلَى فَاكِهَةٍ لَوْ خِيفَ عَلَيْهَا، وَلَوْ أَنَّ امْرَءًا لَهُ رُطَبٌ لَا يَيْبَسُ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَشْتَرِيه مِنْهُ إلَّا بِتَمْرٍ يَابِسٍ لَمَا حَلَّ لَهُ بَيْعُهُ خَوْفَ الضَّرَرِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ امْرَءًا خَافَ عَدُوًّا ظَالِمًا عَلَى ثَمَرَتِهِ وَلَمْ يَكُنْ بَدَا صَلَاحُهَا لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهَا خَوْفَ الضَّرَرِ عَلَيْهَا؟
[مَسْأَلَةٌ بَيْعُ الْحَامِلِ بِحَمْلِهَا]
١٤٢٥ - مَسْأَلَةٌ
: وَمِنْ هَذَا بَيْعُ الْحَامِلِ بِحَمْلِهَا إذَا كَانَتْ حَامِلًا مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا، لِأَنَّ الْحَمْلَ خَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ مَنِيِّ الرَّجُلِ وَمَنِيِّ الْمَرْأَةِ وَدَمِهَا، فَهُوَ بَعْضُ أَعْضَائِهَا وَحَشْوَتِهَا، مَا لَمْ يُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ، قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ} [المؤمنون: ١٢] {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} [المؤمنون: ١٣] {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: ١٤] فَبَيْعُهَا بِحَمْلِهَا كَمَا هِيَ جَائِزٌ، وَهِيَ وَحَمْلُهَا لِلْمُشْتَرِي.
فَإِذَا نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ، فَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ؟ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُوَ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرُهَا؛ لِأَنَّهَا أُنْثَى، وَقَدْ يَكُونُ الْجَنِينُ ذَكَرًا وَهِيَ فَرْدَةٌ وَقَدْ يَكُونُ فِي بَطْنِهَا اثْنَانِ، وَقَدْ تَكُونُ هِيَ كَافِرَةً وَمَا فِي بَطْنِهَا مُؤْمِنًا، وَقَدْ يَمُوتُ أَحَدُهُمَا وَيَعِيشُ الْآخَرُ، وَيَكُونُ أَحَدُهُمَا مَعِيبًا وَالْآخَرُ صَحِيحًا، وَيَكُونُ أَحَدُهُمَا أَسْوَدَ وَالْآخَرُ أَبْيَضَ - وَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهَا قَتْلٌ لَمْ تُقْتَلْ هِيَ حَتَّى تَلِدَ.
فَصَحَّ أَنَّهُ غَيْرُهَا، فَلَا يَجُوزُ دُخُولُهُ فِي بَيْعِهَا - وَهَكَذَا فِي إنَاثِ سَائِرِ الْحَيَوَانِ - حَاشَ اخْتِلَافَ الدِّينِ فَقَطْ، أَوْ الْقَتْلَ فَقَطْ.
فَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ حَتَّى الْآنَ مِمَّا خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا وَوَلَدُهُ مِنْهَا، وَلَمْ يُزَايِلْهَا بَعْدُ، فَحُكْمُهُ فِي الْبَيْعِ كَمَا كَانَ حَتَّى يُزَايِلَهَا - وَلَيْسَ كَوْنُهُ غَيْرَهَا، وَكَوْنُ اسْمِهِ غَيْرَ اسْمِهَا، وَصِفَاتُهُ غَيْرَ صِفَاتِهَا -: بِمُخْرِجٍ لَهُ عَمَّا كَانَ لَهُ مِنْ الْحُكْمِ إلَّا بِنَصٍّ وَارِدٍ فِي ذَلِكَ. وَهَذَا النَّوَى هُوَ بِلَا شَكٍّ غَيْرُ التَّمْرِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ: نَوَى التَّمْرِ، وَصِفَاتُهُ غَيْرُ صِفَاتِ التَّمْرِ، وَاسْمُهُ غَيْرُ اسْمِ التَّمْرِ - وَكَذَلِكَ قِشْرُ الْبَيْضِ أَيْضًا.
وَكَذَلِكَ بَيْضُ ذَاتِ الْبَيْضِ قَبْلَ أَنْ تَبِيضَهُ، وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ بَيْعُهُ كَمَا هُوَ لِأَنَّ اللَّهَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute