فَهَذِهِ أَقْوَالٌ مِنْهَا -: أَنَّ أَهْلَ إقْلِيمِهِ يَعْقِلُونَ عَنْهُ - وَهُوَ لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ أَهْلَ طسوجه لَا يُسَمَّوْنَ عَصَبَةً لَهُ بِلَا خِلَافٍ.
وَقَوْلٌ آخَرُ - أَنَّ عَقْلَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا كَذَلِكَ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ عَصَبَةٌ فَإِنْ كَانَ لَهُ عَصَبَةٌ فَعَقْلُ مَنْ قَتَلَ خَطَأً وَالْغُرَّةُ تَجِبُ عَلَيْهِ وَعَلَى عَصَبَتِهِ كَمَا حَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَخُصَّ بِذَلِكَ عَرَبًا مِنْ عَجَمٍ بَلْ جَعَلَ عَلَى كُلِّ بَطْنٍ عُقُولَهُ فَعَمَّ {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: ٣] {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] .
[مَسْأَلَة جِنَايَة الْعَبْد]
٢١٥٠ - مَسْأَلَةٌ: حُكْمُ مَا جَنَى الْعَبْدُ فِي ذَلِكَ: إنْ قَتَلَ الْعَبْدُ أَوْ الْمُدَبَّرُ أَوْ أُمُّ الْوَلَدِ، أَوْ الْمُكَاتَبُ مُسْلِمًا خَطَأً، أَوْ جَنَوْا عَلَى حَامِلٍ فَأُصِيبَ جَنِينُهَا، فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِي ذَلِكَ - وَهُوَ الَّذِي قَضَاؤُهُ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ الدِّيَةَ وَالْغُرَّةَ عَلَى عَصَبَةِ الْجَانِي فِي ذَلِكَ، وَأَنَّ عَلَى كُلِّ بَطْنٍ عُقُولَهُ وَلَمْ يَخُصَّ حُرًّا مِنْ عَبْدٍ.
{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: ٣] {إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٤] . {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] .
وَنَحْنُ نَشْهَدُ - بِشَهَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى - أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَوْ أَرَادَ أَنْ يَخُصَّ حُرًّا مِنْ عَبْدٍ لَبَيَّنَهُ وَلَمَا أَهْمَلَهُ وَلَا أَغْفَلَهُ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤] فَكُلُّ مَا لَمْ يُبَيِّنْهُ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا فَصَّلَهُ فَهُوَ بَاطِلٌ، مَا أَرَادَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَطُّ - وَقَدْ حَكَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى كُلِّ بَطْنٍ عُقُولَهُ.
وَالْبُطُونُ - هِيَ الْوِلَادَاتُ أَبًا بَعْدَ أَبٍ، فَهِيَ فِي الْعَجَمِ، كَمَا هِيَ فِي الْعَرَبِ وَفِي الْأَحْرَارِ، كَمَا هِيَ فِي الْعَبِيدِ، فَوَاجِبٌ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ مِنْ الْعَبِيدِ يُعْرَفُ نَسَبُهُ وَلَهُ عَصَبَةٌ، كَقُرَشِيٍّ، أَوْ عَرَبِيٍّ، أَوْ عَجَمِيٍّ، تَزَوَّجَ أَمَةً فَرَقَّ وَلَدُهَا مِنْهَا، فَإِنَّ الدِّيَةَ عَلَى عَصَبَتِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: إنَّهُمْ لَا يَرِثُونَهُ قُلْنَا: نَعَمْ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الدِّيَةَ عَلَى الْعَصَبَةِ لَا عَلَى الْوَرَثَةِ بِنَصِّ حُكْمِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَهُوَ الْحَقُّ الْمَقْطُوعُ بِهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ قَطُّ غَيْرَهُ مِمَّا لَمْ يَأْتِ بِهِ قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute