للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيَّنَ لَنَا «أَنْ لَا يُقْتَلَ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ» وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة إحْضَارُ السَّرِقَةِ]

٢٢٧٩ - مَسْأَلَةٌ: إحْضَارُ السَّرِقَةِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَالَ الْمَالِكِيُّونَ: مَنْ أَقَرَّ بِسَرِقَةِ دَرَاهِمَ - كَثِيرَةٍ أَوْ قَلِيلَةٍ - أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْقَطْعَ لَا يَجِبُ بِذَلِكَ إلَّا حَتَّى يُحْضِرَ ذَلِكَ الشَّيْءَ الَّذِي أَقَرَّ بِسَرِقَتِهِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذَا أَيْضًا خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ رَدٌّ لِمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ قَطْعِ السَّارِقِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ إحْضَارَ السَّرِقَةِ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] لَكِنَّ الْوَاجِبَ قَطْعُهُ وَلَا بُدَّ، ثُمَّ يَلْزَمُهُ إحْضَارُ مَا سَرَقَ لِيَرُدَّ إلَى صَاحِبِهِ - إنْ عُرِفَ - أَوْ لِيَكُونَ فِي جَمِيعِ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ - إنْ لَمْ يَعْرِفْ صَاحِبَهُ - فَإِنْ عَدِمَ الشَّيْءَ الْمَسْرُوقَ ضَمِنَهُ، عَلَى مَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَا نَعْلَمُ لِمَنْ خَالَفَ هَذَا حُجَّةً أَصْلًا؟ فَإِنْ تَعَلَّقُوا: بِمَا ناه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ نا ابْنُ وَضَّاحٍ نا سَحْنُونٌ نا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ طَارِقًا كَانَ جَعَلَهُ ثَعْلَبَةُ الشَّامِيُّ عَلَى الْمَدِينَةِ يَسْتَخْلِفُهُ، فَأُتِيَ بِإِنْسَانٍ مُتَّهَمٍ بِسَرِقَةٍ، فَجَلَدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ يَجْلِدُهُ حَتَّى اعْتَرَفَ بِالسَّرِقَةِ، فَأَرْسَلَ إلَى ابْنِ عُمَرَ فَاسْتَفْتَاهُ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لَا تُقْطَعْ - يَدُهُ حَتَّى يُبْرِزَهَا؟ فَهَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَقَرَّ تَحْتَ الْعَذَابِ وَبِالتَّهْدِيدِ فَلَا قَطَعَ عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ أَبْرَزَ السَّرِقَةَ أَوْ لَمْ يُبْرِزْهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أُودِعَتْ عِنْدَهُ، وَهُوَ يَدْرِي أَنَّهَا سَرِقَةٌ أَوْ لَا يَدْرِي، فَلَا يَكُونُ عَلَى الْمُودَعِ فِي ذَلِكَ قَطْعٌ أَصْلًا. وَيَحْتَمِلُ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ هَذَا - أَيْ حَتَّى يُبْرِزَ - قَوْلَتَهُ مُجَرَّدَةً مِنْ الْإِقْرَارِ بِالضَّرْبِ، مَعَ أَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَمْ قَوْلَةٌ لِابْنِ عُمَرَ قَدْ خَالَفُوهَا بِلَا بُرْهَانٍ فَإِنْ ذَكَرُوا مَا رُوِّينَا - بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ - إلَى ابْنِ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: كَتَبَ إلَيَّ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يَقُولُ: مَنْ اعْتَرَفَ بِسَرِقَةٍ، ثُمَّ أَتَى - مَعَ ذَلِكَ - بِمَا يُصَدِّقُ اعْتِرَافَهُ فَذَلِكَ الَّذِي تُقْطَعُ يَدُهُ، وَمَنْ اعْتَرَفَ عَلَى تَهَدُّدٍ وَتَخَوُّفٍ، ثُمَّ لَمْ يَأْتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>