للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ عَلِيٌّ: فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُرْسَلٌ لَمْ يُسْنِدْهُ سَعِيدٌ، وَلَا يَزِيدُ بْنُ نُعَيْمٍ وَلَا حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ، وَلَوْ انْسَنَدَ لَمَا خَرَجَ مِنْهُ إلَّا أَنَّ السَّتْرَ، وِتْرَك الشَّهَادَةِ أَفْضَلُ فَقَطْ - هَذَا عَلَى أُصُولِ الْقَائِلِينَ بِالْقِيَاسِ إذَا سَلِمَ لَهُمْ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ

[مَسْأَلَة اخْتِلَافُ الشُّهُودِ فِي الْحُدُودِ]

٢١٨٠ - مَسْأَلَةٌ: اخْتِلَافُ الشُّهُودِ فِي الْحُدُودِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ، فَاَلَّذِي نَقُولُ بِهِ: أَنَّ كُلَّ مَا تَمَّتْ بِهِ الشَّهَادَةُ، وَوَجَبَ الْقَضَاءُ بِهَا، فَإِنَّ كُلَّ مَا زَادَهُ الشُّهُودُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا حُكْمَ لَهُ، وَلَا يَضُرُّ الشَّهَادَةَ اخْتِلَافُهُمْ، كَمَا لَا يَضُرُّهَا سُكُوتُهُمْ عَنْهُ - وَأَنَّ كُلَّ مَا لَا تَتِمُّ الشَّهَادَةُ إلَّا بِهِ -: فَهَذَا هُوَ الَّذِي يُفْسِدُهَا اخْتِلَافُهُمْ، فَالشَّهَادَةُ إذَا تَمَّتْ مِنْ أَرْبَعَةِ عُدُولٍ بِالزِّنَى عَلَى إنْسَانٍ بِامْرَأَةٍ يَعْرِفُونَهَا أَجْنَبِيَّةٍ، لَا يَشُكُّونَ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الْمَكَانِ، أَوْ فِي الزَّمَانِ، أَوْ فِي الْمَزْنِيِّ بِهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَمْسِ بِامْرَأَةٍ سَوْدَاءَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بِامْرَأَةٍ بَيْضَاءَ الْيَوْمَ -: فَالشَّهَادَةُ تَامَّةٌ، وَالْحَدُّ وَاجِبٌ، لِأَنَّ الزِّنَى قَدْ تَمَّ عَلَيْهِ، وَلَا يُحْتَاجُ فِي الشَّهَادَةِ إلَى ذِكْرِ مَكَان وَلَا زَمَانٍ، وَلَا إلَى ذِكْرِ الَّتِي زَنَى بِهَا - فَالسُّكُوتُ عَنْ ذِكْرِ ذَلِكَ وَذِكْرُهُ سَوَاءٌ - وَكَذَلِكَ فِي السَّرِقَةِ، وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: أَمْسُ، وَقَالَ الْآخَرُ: عَامَ أَوَّلٍ، أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: بِمَكَّةَ، وَقَالَ الْآخَرُ: بِبَغْدَادَ، فَالسَّرِقَةُ قَدْ صَحَّتْ، وَتَمَّتْ الشَّهَادَةُ فِيهَا - وَلَا مَعْنَى لِذِكْرِ الْمَكَانِ، وَلَا الزَّمَانِ، وَلَا الشَّيْءِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ - سَوَاءٌ اخْتَلَفَا فِيهِ، أَوْ اتَّفَقَا فِيهِ، أَوْ سَكَتَا عَنْهُ، لِأَنَّهُ لَغْوٌ، وَحَدِيثٌ زَائِدٌ، لَيْسَ مِنْ الشَّهَادَةِ فِي شَيْءٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>