للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا لَا نَعْلَمُهُ أَصْلًا مِنْ طَرِيقٍ وَاهِيَةٍ تُعْرَفُ عِنْدَ أَهْلِ النَّقْلِ، وَأَمَّا صَحِيحَةٍ فَنَقْطَعُ بِكَذِبِ مَنْ ادَّعَى ذَلِكَ جُمْلَةً.

وَأَمَّا الْوَضْعُ فِي الْحَدِيثِ فَبَاقٍ مَا دَامَ إبْلِيسُ وَأَتْبَاعُهُ فِي الْأَرْضِ.

ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَهُمْ لَمَا كَانَ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَكُونُ مُوَافِقًا لِمَعْهُودِ الْأَصْلِ بِلَا شَكٍّ، وَلَا مِرْيَةَ فِي أَنَّ حِينَ زَجْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ ثَمَنِهِ بَطَلَتْ الْإِبَاحَةُ السَّالِفَةُ، وَنُسِخَتْ بِيَقِينٍ لَا مَجَالَ لِلشَّكِّ فِيهِ، فَمَنْ ادَّعَى أَنَّ الْمَنْسُوخَ قَدْ عَادَ فَقَدْ كَذَبَ وَافْتَرَى وَأَفِكَ وَقَفَا مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ، وَحَاشَ لِلَّهِ أَنْ يَعُودَ مَا نَسَخَ، ثُمَّ لَا يَأْتِي بَيَانٌ بِذَلِكَ تَقُومُ بِهِ حُجَّةُ اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا نَسَخَ وَفِيمَا بَقِيَ عَلَى الْمَأْمُورِينَ بِذَلِكَ مِنْ عِبَادِهِ.

هَيْهَاتَ دِينُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَعَزُّ مِنْ ذَلِكَ وَأَحْرَزُ.

وَقَالَ الْمُبِيحُونَ لَهُ: لَمَّا صَحَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى وُجُوبِ دُخُولِ الْهِرِّ، وَالْكَلْبِ الْمُبَاحِ اتِّخَاذُهُ فِي الْمِيرَاثِ، وَالْوَصِيَّةِ، وَالْمِلْكِ: جَازَ بَيْعُهُمَا.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا مِمَّا جَاهَرُوا فِيهِ بِالْبَاطِلِ، وَبِخِلَافِ أُصُولِهِمْ: أَوَّلُ ذَلِكَ: أَنَّهُ دَعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ ثُمَّ إنَّهُمْ يُجِيزُونَ دُخُولَ النَّحْلِ، وَدُودِ الْحَرِيرِ فِي الْمِيرَاثِ، وَالْوَصِيَّةِ، وَكَذَلِكَ الْكَلْبِ عِنْدَهُمْ، وَلَا يُجِيزُونَ بَيْعَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.

وَيُجِيزُونَ الْوَصِيَّةَ بِمَا لَمْ يُخْلَقْ بَعْدُ مِنْ ثَمَرِ النَّخْلِ وَغَيْرِهَا، وَيُدْخِلُونَهُ فِي الْمِيرَاثِ.

وَلَا يُجِيزُونَ بَيْعَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَظَهَرَ تَخَاذُلُهُمْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة الْبَيْع عَلَى أَنْ تربحني للدينار درهما وَلَا عَلَى أني أربح معك فِيهِ كَذَا]

١٥١٦ - مَسْأَلَةٌ:

وَلَا يَحِلُّ الْبَيْعُ عَلَى أَنْ تُرْبِحَنِي لِلدِّينَارِ دِرْهَمًا، وَلَا عَلَى أَنِّي أَرْبَحُ مَعَك فِيهِ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا، فَإِنْ وَقَعَ فَهُوَ مَفْسُوخٌ أَبَدًا.

فَلَوْ تَعَاقَدَا الْبَيْعَ دُونَ هَذَا الشَّرْطِ، لَكِنْ أَخْبَرَهُ الْبَائِعُ بِأَنَّهُ اشْتَرَى السِّلْعَةَ بِكَذَا وَكَذَا، وَأَنَّهُ لَا يَرْبَحُ مَعَهُ فِيهَا إلَّا كَذَا وَكَذَا فَقَدْ وَقَعَ الْبَيْعُ صَحِيحًا، فَإِنْ وَجَدَهُ قَدْ كَذَبَ فِيمَا قَالَ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ الْبَيْعَ شَيْئًا، وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِشَيْءٍ أَصْلًا، إلَّا مِنْ عَيْبٍ فِيهِ، أَوْ غَبْنٍ ظَاهِرٍ كَسَائِرِ الْبُيُوعِ، وَالْكَاذِبُ آثِمٌ فِي كَذِبِهِ فَقَطْ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ: أَنَّ الْبَيْعَ عَلَى أَنْ تُرْبِحَنِي كَذَا شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ بَاطِلٌ وَالْعَقْدُ بِهِ بَاطِلٌ وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ بَيْعٌ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ، لِأَنَّهُمَا إنَّمَا تَعَاقَدَا الْبَيْعَ عَلَى أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>