رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: إذَا ظَاهَرَ مِرَارًا وَإِنْ كَانَ فِي مَجَالِسَ شَتَّى - فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ مَا لَمْ يُكَفِّرْ، وَالْأَيْمَانُ كَذَلِكَ - قَالَ مَعْمَرٌ: وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ - وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ كَانَ كَرَّرَ الظِّهَارَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَنَوَى التَّكْرَارَ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَلِكُلِّ ظِهَارٍ كَفَّارَةٌ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي مَجَالِسَ شَتَّى.
قَالَ عَلِيٌّ: لَا نَعْلَمُ هَذَا عَنْ أَحَدٍ قَبْلَ أَبِي حَنِيفَةَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ - وَهَذِهِ أَقْوَالٌ لَا بُرْهَانَ عَلَى صِحَّتِهَا، لَا مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا سُنَّةٍ، وَلَا مِنْ قِيَاسٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ مَنْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ لَمْ يُسْقِطْهَا عَنْهُ مَوْتُهُ وَلَا مَوْتُهَا]
١٨٩٣ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ لَمْ يُسْقِطْهَا عَنْهُ مَوْتُهُ، وَلَا مَوْتُهَا، وَلَا طَلَاقُهُ لَهَا، وَهِيَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ إنْ مَاتَ - أَوْصَى بِهَا أَوْ لَمْ يُوصِ - لِأَنَّهَا مِنْ دُيُونِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى دُيُونِ النَّاسِ.
[مَسْأَلَةٌ عَجَزَ الْمُظَاهِر عَنْ جَمِيعِ الْكَفَّارَاتِ]
١٨٩٤ - مَسْأَلَةٌ: فَمَنْ عَجَزَ عَنْ جَمِيعِ الْكَفَّارَاتِ: فَحُكْمُهُ الْإِطْعَامُ أَبَدًا - أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَمْ يُوسِرْ، قَوِيَ عَلَى الصِّيَامِ أَوْ لَمْ يَقْوَ - وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ الْعِتْقِ وَالصِّيَامِ فَقَدْ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْإِطْعَامُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَلَمْ يُعَوِّضْ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - مِنْهُ شَيْئًا أَصْلًا، فَهُوَ حُكْمُ مَنْ عَجَزَ عَنْ الْعِتْقِ وَالصَّوْمِ، وَمَنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُوَقِّتْ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - لَهُ آخَرَ فَهُوَ لَازِمٌ أَبَدًا، لِأَنَّ أَمْرَهُ تَعَالَى وَاجِبٌ لَا يُسْقِطُهُ شَيْءٌ.
وَمَنْ كَانَ حِينَ لُزُومِهِ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ لَهُ قَادِرًا عَلَى عِتْقِ رَقَبَةٍ لَمْ يَجْزِهِ غَيْرُهَا أَبَدًا، وَإِنْ افْتَقَرَ فَأَمْرُهُ إلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - لِأَنَّ فَرْضَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ قَدْ اسْتَقَرَّ، فَلَا يُحِيلُهُ شَيْءٌ.
وَمَنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الرَّقَبَةِ قَادِرًا عَلَى صَوْمِ شَهْرَيْنِ مُتَّصِلَيْنِ، وَلَا يَحُولُ بَيْنَهُمَا رَمَضَانُ، وَلَا بِيَوْمٍ لَا يَحِلُّ صِيَامُهُ، وَاتَّصَلَتْ قُوَّتُهُ كَذَلِكَ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَمْ يَصُمْهَا، ثُمَّ عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ - إلَى أَنْ مَاتَ - لَمْ يَجْزِهِ إطْعَامٌ وَلَا عِتْقٌ أَبَدًا، فَإِنْ صَحَّ صَامَهُمَا، وَإِنْ مَاتَ صَامَهُمَا عَنْهُ وَلِيُّهُ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» فَلَوْ لَمْ تَتَّصِلْ صِحَّتُهُ وَقُوَّتُهُ عَلَى الصِّيَامِ جَمِيعَ الْمُدَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَا، فَإِنَّ أَيْسَرَ فِي خِلَالِهَا فَالْعِتْقُ فَرْضُهُ أَبَدًا، فَإِنْ لَمْ يُوسِرْ فَالْإِطْعَامُ فَرْضُهُ أَبَدًا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute