وَهُوَ مُتَمَادِي فِي صَلَاتِهِ، وَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ، وَسَوَاءٌ مَشَى إلَى الْمَاءِ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا؟ بُرْهَانُ ذَلِكَ - أَنَّ غَسْلَ النَّجَاسَةِ وَاجْتِنَابَ الْمُحَرَّمَاتِ فَرْضٌ بِلَا خِلَافٍ، فَهُوَ فِي مَشْيِهِ لِذَلِكَ وَفِي عَمَلِهِ لِذَلِكَ مُؤَدِّي فَرْضٍ، وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِأَنْ يُؤَدِّيَ فِيهَا مَا أُمِرَ بِأَدَائِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ، بَلْ صَلَّى كَمَا أُمِرَ، وَمَنْ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ فَهُوَ مُحْسِنٌ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: ٩١]
فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ: صَلَّى كَمَا هُوَ، وَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] فَثَبَتَ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ مَا لَا يَسْتَطِيعُ
فَإِنْ تَعَمَّدَ اسْتِدْبَارَ الْقِبْلَةِ لِذَلِكَ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ قَاصِدًا إلَى ذَلِكَ؟ وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ أَصَابَهُ الرُّعَافُ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا: قَطَعَ صَلَاتَهُ وَابْتَدَأَ، وَإِنْ أَصَابَهُ بَعْدَ أَنْ أَتَمَّ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا: فَلْيَخْرُجْ فَلْيَغْسِلْ الدَّمَ وَيَرْجِعْ فَيَبْنِي؟ قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا تَقْسِيمٌ لَمْ يَأْتِ بِهِ قُرْآنٌ وَلَا سُنَّةٌ، لَا صَحِيحَةٌ وَلَا سَقِيمَةٌ، وَلَا قَوْلُ صَاحِبٍ وَلَا قِيَاسٌ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِلِاشْتِغَالِ بِهِ
[مَسْأَلَةٌ زُوحِمَ حَتَّى فَاتَهُ الرُّكُوعُ أَوْ السُّجُودُ أَوْ رَكْعَةٌ أَوْ رَكَعَاتٌ]
٤٦٤ - مَسْأَلَةٌ:
وَمَنْ زُوحِمَ حَتَّى فَاتَهُ الرُّكُوعُ أَوْ السُّجُودُ أَوْ رَكْعَةٌ أَوْ رَكَعَاتٌ -: وَقَفَ كَمَا هُوَ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا فَاتَهُ فَعَلَ، ثُمَّ اتَّبَعَ الْإِمَامَ حَيْثُ يُدْرِكُهُ وَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ بِمُدَّةٍ - قَصِيرَةٍ أَوْ طَوِيلَةٍ - فَعَلَ كَذَلِكَ أَيْضًا، وَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ، وَالْجُمُعَةُ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا؟ فَلَوْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً صَلَّاهَا وَأَضَافَهَا إلَى مَا كَانَ صَلَّى، ثُمَّ أَتَمَّ صَلَاتَهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ؟ وَالْغَافِلُ سَهْوًا وَالْمَزْحُومُ سَوَاءٌ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا؟ فَإِنْ قَدَرَ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى ظَهْرِ أَحَدٍ مِمَّنْ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ عَلَى رِجْلِهِ، فَلْيَفْعَلْ وَيُجْزِئُهُ؟ بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣] فَمَنْ صَحَّ لَهُ الْإِحْرَامُ فَمَا زَادَ فَقَدْ صَحَّ لَهُ عَمَلٌ مُفْتَرَضٌ أَدَاؤُهُ كَمَا أُمِرَ، فَلَا يَحِلُّ لَهُ إبْطَالُهُ بِغَيْرِ نَصٍّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي إبْطَالِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute