ابْنُ وَضَّاحٍ نا سَحْنُونٌ نا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَرَبِيعَةَ، قَالَ أَبُو الزِّنَادِ فِي جَنِينِ الْبَهِيمَةِ: نَرَى أَنْ تُقَامَ الْبَهِيمَةُ فِي بَطْنِهَا وَلَدُهَا، ثُمَّ تُقَامَ بَعْدَ أَنْ تَطْرَحَ جَنِينَهَا، فَيَكُونُ فَضْلُ مَا بَيْنَ ذَلِكَ عَلَى الَّذِي أَصَابَهَا حَتَّى طَرَحَتْ جَنِينَهَا - وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: نَرَى جَنِينَ الْبَهِيمَةِ إلَى الْحُكْمِ بِقِيمَةٍ إنَّمَا الْبَهِيمَةُ سِلْعَةٌ مِنْ السِّلَعِ - وَقَالَ رَبِيعَةُ: لَا أَرَى فِي جَنِينِ الْبَهِيمَةِ شَيْئًا أَوْسَعَ مِنْ اجْتِهَادِ الْإِمَامِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: الْقَوْلُ فِي هَذَا عِنْدَنَا هُوَ قَوْلُ أَبِي الزِّنَادِ؛ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ عَلَى مَالٍ فَقِيمَةُ مِثْلِهِ.
وَأَمَّا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ، وَرَبِيعَةَ: إنَّ فِي ذَلِكَ اجْتِهَادَ الْإِمَامِ، أَوْ الْحَاكِمِ: فَقَوْلٌ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ يُوجِبُهُ، وَلَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَا رَسُولُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ اجْتِهَادًا فِي أَخْذِ مَالٍ مِنْ إنْسَانٍ وَإِعْطَائِهِ آخَرَ، بَلْ قَدْ حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَحَدٍ مَا يُعْطِيهِ لِآخَرَ، إلَّا بِنَصٍّ، أَوْ إجْمَاعٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ، وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ: أَنَّ فِي جَنِينِ الْفَرَسِ عُشْرَ قِيمَةِ أُمِّهِ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي جَنِينِ الْبَهِيمَةِ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهَا، وَهَذَا كُلُّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ قِيَاسٌ، وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ.
[مَسْأَلَةٌ كَافِرٌ ذِمِّيٌّ قَتَلَ ذِمِّيًّا ثُمَّ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ]
٢١٣٥ - مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَوْ أَنَّ كَافِرًا ذِمِّيًّا قَتَلَ ذِمِّيًّا ثُمَّ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ بَعْدَ قَتْلِهِ الْمَقْتُولَ، أَوْ قَبْلَ مَوْتِ الْمَقْتُولِ: فَلَا قَوَدَ عَلَى الْقَاتِلِ أَصْلًا؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ» .
قَالُوا: وَدِيَةُ الْمَقْتُولِ - إنْ اخْتَارُوا الدِّيَةَ قَبْلَ إسْلَامِ قَاتِلِ وَلِيِّهِمْ، أَوْ فَادُوهُ ثُمَّ أَسْلَمَ: بَقِيَتْ الْغَرَامَةُ لَهُمْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ اسْتَحَقُّوهُ عِنْدَهُ، وَالْأَمْوَالُ تَجِبُ لِلْكَافِرِ عَلَى الْمُؤْمِنِ، وَلِلْمُؤْمِنِ عَلَى الْكَافِرِ - وَقَدْ «مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ فِي ثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَخَذَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقُوتِ أَهْلِهِ» وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ قَبْلَ هَذَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute