فَإِنْ قَالُوا: إنَّمَا اتَّبَعْنَا النَّصَّ الْوَارِدَ: «لَا تُوطَأُ حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ» ؟
قُلْنَا: كَلًّا، بَلْ خَالَفْتُمْ هَذَا النَّصَّ بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّكُمْ فَرَّقْتُمْ بَيْنَ الرَّائِعَةِ وَغَيْرِ الرَّائِعَةِ، وَلَيْسَ هَذَا فِي الْخَبَرِ، وَلَا قَالَهُ أَحَدٌ نَعْلَمُهُ قَبْلَكُمْ، وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ الْبِكْرِ وَغَيْرِ الْبِكْرِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْخَبَرِ، وَلَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَدَّعُوا هَهُنَا إجْمَاعًا، فَإِنَّ الْحَنَفِيِّينَ يَقُولُونَ: إنَّ الْبِكْرَ وَغَيْرَ الْبِكْرِ سَوَاءٌ، لَا تُوطَأُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا حَتَّى تَحِيضَ، أَوْ حَتَّى تَسْتَبْرِئَ بِمَا تَسْتَبْرِئُ بِهِ الَّتِي لَا تَحِيضُ -: وَهَذَا خَبَرٌ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ صَحَّ لَقُلْنَا بِهِ - لَكِنَّا نَقُولُ: لَا يَبِيعُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ، وَلَا يَطَؤُهَا الْمُشْتَرِي حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا كَذَلِكَ احْتِيَاطًا خَوْفَ الْحَمْلِ فَقَطْ، فَإِنْ أَيْقَنَّا أَنَّ بِهَا حَمْلًا مِنْ الْبَائِعِ فَالْبَيْعُ حَرَامٌ إنْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدِهِ، وَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ غَيْرِهِ فَالْبَيْعُ حَلَالٌ، وَالْوَطْءُ حَرَامٌ حَتَّى تَضَعَ وَتَطْهُرَ.
وَهُوَ مُؤْتَمَنٌ عَلَى ذَلِكَ كَائْتِمَانِهِ عَلَى مَا حُرِّمَ عَلَيْهِ مِنْ وَطْءِ الْحَائِضِ، وَالنُّفَسَاءِ وَلَا فَرْقَ، إذْ لَمْ يَأْتِ نَصٌّ بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ ائْتِمَانِهِ عَلَى الَّتِي اشْتَرَى وَبَيْنَ ائْتِمَانِكُمْ مَنْ تَضَعُونَهَا عِنْدَهُ لِذَلِكَ.
وَأَنْتُمْ لَا تُفَرَّقُونَ بَيْنَ الثِّقَةِ وَبَيْنَ غَيْرِ الثِّقَةِ هَهُنَا، وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ الرَّائِعَةِ وَغَيْرِ الرَّائِعَةِ - وَهَذَا تَخْلِيطٌ وَتَنَاقُضٌ.
وَأَمَّا الْحُكْمُ فِيهَا إنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ فَسَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي " كِتَابِ الِاسْتِبْرَاءِ " بِبُرْهَانِهِ - وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
[مَسْأَلَةٌ بَيْعُ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُمَا الْبَائِعُ كِسْوَةً]
١٤٥٨ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ بَيْعُ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُمَا الْبَائِعُ كِسْوَةً - قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ - وَلَا بَيْعُ دَابَّةٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهَا الْبَائِعُ إكَافَهَا، أَوْ رَسَنَهَا، أَوْ بَرْدَعَتَهَا، وَالْبَيْعُ بِهَذَا الشَّرْطِ بَاطِلٌ مَفْسُوخٌ لَا يَحِلُّ فَمَنْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ قَسْرًا فَهُوَ ظُلْمٌ لَحِقَهُ وَالْبَيْعُ جَائِزٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute