[مَسْأَلَة بَيْعُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ]
مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ بَيْعُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ، إلَّا فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ ضَرُورَةً، كَطَعَامٍ لِأَكْلِهِ، وَثَوْبٍ يَطْرُدُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ الْبَرْدَ وَالْحَرَّ، وَمَا جَرَى هَذَا الْمَجْرَى إذَا أَغْفَلَهُ أَهْلُ مَحَلَّتِهِ وَضَيَّعُوهُ.
بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي ذَكَرْنَا، فَإِذَا ضَيَّعَهُ أَهْلُ مَحَلَّتِهِ فَاشْتَرَى مَا ذَكَرْنَا بِحَقِّهِ، فَقَدْ وَافَقَ الْوَاجِبَ، وَعَلَى أَهْلِ مَحَلَّتِهِ إمْضَاؤُهُ، فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ رَدُّ الْحَقِّ وَتَكُونُ مُبَايَعَتُهُ حِينَئِذٍ إنْ كَانَ جَائِزَ الْأَمْرِ هُوَ الَّذِي عَقَدَ ذَلِكَ الْعَقْدَ عَلَيْهِ، فَهُوَ عَقْدٌ صَحِيحٌ، فَإِنْ كَانَ أَيْضًا غَيْرَ جَائِزِ الْأَمْرِ فَهُوَ كَمَا ذَكَرْنَا عَمَلٌ وَافَقَ الْحَقَّ الْوَاجِبَ فَلَا يَجُوزُ رَدُّهُ - وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ.
وَأَمَّا بَيْعُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ لِغَيْرِهِ بِأَمْرِ ذَلِكَ الْآخَرِ، وَابْتِيَاعُهُ لَهُ بِأَمْرِهِ فَهُوَ نَافِذٌ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ يَدَهُ وَعَقْدَهُ إنَّمَا هُمَا يَدُ الْآمِرِ وَعَقْدُهُ فَهُوَ جَائِزٌ، وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة بَيْع نصف هَذِهِ الدَّار مِنْ هَذِهِ الجهة]
١٥٢٥ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ نِصْفِ هَذِهِ الدَّارِ، وَلَا هَذَا الثَّوْبِ أَوْ هَذِهِ الْأَرْضِ، أَوْ هَذِهِ الْخَشَبَةِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ، وَكَذَلِكَ ثُلُثُهَا أَوْ رُبُعُهَا أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، فَلَوْ عُلِمَ مُنْتَهَى كُلِّ ذَلِكَ جَازَ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يُعْلَمْ بَيْعُ مَجْهُولٍ، وَبَيْعُ الْمَجْهُولِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ التَّرَاضِيَ لَا يَقَعُ عَلَى مَجْهُولٍ - وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة بَيْعُ دَارٍ أَوْ بَيْتٍ أَوْ أَرْضٍ لَا طَرِيقَ إلَيْهَا]
١٥٢٦ - مَسْأَلَةٌ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ دَارٍ أَوْ بَيْتٍ أَوْ أَرْضٍ لَا طَرِيقَ إلَيْهَا لِأَنَّهُ إضَاعَةٌ لِلْمَالِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُلْزَمَ طَرِيقًا لَمْ يَبِعْهُ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مُتَّصِلًا بِمَالِ الْمُشْتَرِي جَازَ ذَلِكَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ يَصِلُ إلَى مَا اشْتَرَى فَلَا تَضْيِيعَ، فَلَوْ اُسْتُحِقَّ مَالُ الْمُشْتَرِي بَطَلَ هَذَا الشِّرَاءُ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ فَاسِدًا إذَا كَانَ لَا طَرِيقَ لَهُ إلَيْهِ أَلْبَتَّةَ.
[مَسْأَلَة بَيْع جُمْلَة مَجْهُولَة الْقَدْر عَلَى أَنْ كُلّ صَاعٌ مِنْهَا بدرهم]
١٥٢٧ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ بَيْعُ جُمْلَةٍ مَجْهُولَةِ الْقَدْرِ عَلَى أَنَّ كُلَّ صَاعٍ مِنْهَا بِدِرْهَمٍ، أَوْ كُلَّ رَطْلٍ مِنْهَا بِدِرْهَمٍ، أَوْ كُلَّ ذِرَاعٍ مِنْهَا بِدِرْهَمٍ، أَوْ كُلَّ أَصْلٍ مِنْهَا، أَوْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِكَذَا وَكَذَا - وَهَكَذَا فِي جَمِيعِ الْمَقَادِيرِ وَالْأَعْدَادِ، فَإِنْ عَلِمَا جَمِيعًا مِقْدَارَ مَا فِيهَا مِنْ الْعَدَدِ، أَوْ الْكَيْلِ، أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الذَّرْعِ، وَعَلِمَا قَدْرَ الثَّمَنِ الْوَاجِبِ فِي ذَلِكَ: جَازَ ذَلِكَ، فَإِنْ بِيعَتْ الْجُمْلَةُ كَمَا هِيَ وَلَا مَزِيدَ، فَهُوَ جَائِزٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute