فِي فَقَمِ الْإِنْسَانِ قَالَ: يُثَنِّي إبْهَامَهُ، ثُمَّ تُجْعَلُ قَبْضَتُهُمَا السُّفْلَى، وَيُفْتَحُ فَاهُ، فَيَجْعَلَهَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ فَمَا نَقَصَ مِنْ فَتْحَةِ فَاهُ مِنْ قَصَبَةِ إبْهَامِهِ السُّفْلَى، فَبِالْحِسَابِ قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا أَيْضًا كَسَائِرِ مَا سَلَف، وَلَا فَرْقَ وَلَا شَيْءَ فِي ذَلِكَ بِالْخَطَأِ، وَفِيهِ الْقَوَدُ بِالْعَمْدِ.
[مَسْأَلَةٌ أَحْكَامُ دِيَةُ الْأَصَابِعُ]
. ٢٠٤٢ - مَسْأَلَةٌ: قَدْ ذَكَرْنَا الثَّابِتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ابْتِدَاءِ كَلَامِنَا فِي بَابِ الْأَعْضَاءِ، وَأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ «الْأَصَابِعُ سَوَاءٌ، هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ» يَعْنِي الْخِنْصَرَ وَالْإِبْهَامَ وَأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ: «الْأَصَابِعُ عَشْرٌ عَشْرٌ» فَهَذَا نَصٌّ لَا يَسَعُ أَحَدًا الْخُرُوجُ عَنْهُ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَبِالْيَقِينِ نَدْرِي أَنَّهُ لَيْسَ هَاهُنَا إلَّا عَمْدٌ أَوْ خَطَأٌ وَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ» . وَصَحَّ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: ٥] فَوَرَدَ هَذَانِ النَّصَّانِ - وَكَانَ مُمْكِنًا أَنْ يُسْتَثْنَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ. يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ، وَرُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ إلَّا فِي دِيَةِ الْأَصَابِعِ.
وَكَانَ مُمْكِنًا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ: فِي الْأَصَابِعِ عَشْرٌ عَشْرٌ فِي الْعَمْدِ خَاصَّةً، لَا فِي الْخَطَأِ - وَلَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ أَنْ يَصِيرَ إلَى أَحَدِ الِاسْتِثْنَاءَيْنِ إلَّا بِيَقِينِ نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ، لِأَنَّهُ خَبَرٌ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يَحِلُّ الْخَبَرُ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا بِنَصٍّ ثَابِتٍ فِي الْقُرْآنِ، أَوْ عَنْ رَسُولِهِ الْمُبِينِ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.
وَنَحْنُ عَلَى بَصِيرَةٍ وَيَقِينٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَدَعُنَا فِي عَمًى مِنْ هَذَا الْحُكْمِ فِي الدِّينِ، لِأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى} [النحل: ٨٩]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute