للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ الْقَطْعُ عَلَى امْرَأَةٍ، أَوْ صَبِيٍّ، أَوْ مَجْنُونٍ، كُلُّ ذَلِكَ - مُحَارَبَةٌ صَحِيحَةٌ - يَسْتَحِقُّ بِهَا مَا ذَكَرْنَا مِنْ حُكْمِ الْمُحَارَبَةِ

وَأَمَّا الذِّمِّيُّ - إنْ حَارَبَ فَلَيْسَ مُحَارِبًا، لَكِنَّهُ نَاقِضٌ لِلذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ فَارَقَ الصَّغَارَ، فَلَا يَجُوزُ إلَّا قَتْلُهُ وَلَا بُدَّ، أَوْ يُسْلِمَ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَصْلًا فِي كُلِّ مَا أَصَابَ مِنْ دَمٍ، أَوْ فَرْجٍ، أَوْ مَالٍ، إلَّا مَا وُجِدَ فِي يَدِهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ حَرْبِيٌّ لَا مُحَارِبٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَأَمَّا الْمُسْلِمُ يَرْتَدُّ، فَيُحَارِبُ - فَعَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُحَارِبِ كُلِّهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْعُرَنِيِّينَ الَّذِينَ اقْتَصَّ مِنْهُمْ قَوَدًا، وَأَقَامَ عَلَيْهِمْ حُكْمَ الْمُحَارَبَةِ وَكَانُوا مُرْتَدِّينَ مُحَارِبِينَ مُتَعَدِّينَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ

[مَسْأَلَة صِفَةُ الصَّلْبِ لِلْمُحَارِبِ]

٢٢٦٤ - مَسْأَلَةٌ: صِفَةُ الصَّلْبِ لِلْمُحَارِبِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي صِفَةِ الصَّلْبِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِي الْمُحَارِبُ؟ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: يُضْرَبُ عُنُقُهُ بِالسَّيْفِ ثُمَّ يُصْلَبُ مَقْتُولًا - زَادَ الشَّافِعِيُّ -: وَيُتْرَكُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ يُنْزَلُ فَيُدْفَنُ.

وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو يُوسُفَ: يُصْلَبُ حَيًّا ثُمَّ يُطْعَنُ بِالْحَرْبَةِ حَتَّى يَمُوتَ.

وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الظَّاهِرِينَ: يُصْلَبُ حَيًّا وَيُتْرَكُ حَتَّى يَمُوتَ، وَيَيْبَسَ كُلُّهُ وَيَجِفَّ، فَإِذَا يَبِسَ وَجَفَّ أُنْزِلَ، فَغُسِّلَ، وَكُفِّنَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، وَدُفِنَ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَلَمَّا اخْتَلَفُوا وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِيمَا احْتَجَّتْ بِهِ كُلُّ طَائِفَةٍ لِقَوْلِهَا لِنَعْلَمَ الْحَقَّ مِنْ ذَلِكَ فَنَتَّبِعَهُ - بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَنِّهِ - فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ، فَوَجَدْنَا مَنْ قَالَ: يُقْتَلُ ثُمَّ يُصْلَبُ مَقْتُولًا، يَحْتَجُّونَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ فِي " كِتَابِ الدِّمَاءِ " مِنْ دِيوَانِنَا كَيْفَ يَكُونُ الْقَوَدُ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ» . وَمِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَعَفُّ النَّاسِ قِتْلَةً أَهْلُ الْإِيمَانِ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>