للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَةٌ هَلْ لِلْوَلِيِّ عَفْوٌ فِي قَتْلِ الْغِيلَةِ أَوْ الْحِرَابَةِ]

مَسْأَلَةٌ:

هَلْ لِلْوَلِيِّ عَفْوٌ فِي قَتْلِ الْغِيلَةِ، أَوْ الْحِرَابَةِ؟ قَالَ عَلِيٌّ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا عَفْوَ فِي ذَلِكَ لِلْوَلِيِّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ نا ابْنُ وَضَّاحٍ نا سَحْنُونٌ نا ابْنُ وَهْبٍ نا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ فِي قَتْلِ الْغِيلَةِ: إذَا بُلِّغَ الْإِمَامُ، فَلَيْسَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ أَنْ يَعْفُوَ، وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَعْفُوَ، وَإِنَّمَا هُوَ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى.

قَالَ عَلِيٌّ: وَبِهَذَا يَقُولُ مَالِكٌ، وَرَأَى ذَلِكَ أَيْضًا فِي قَاتِلِ الْحِرَابَةِ حَتَّى إنَّهُ رَأَى فِي ذَلِكَ أَنْ يَقْتُلَ الْمُؤْمِنَ بِالْكَافِرِ.

وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ لِوَلِيِّهِ مَا لِوَلِيِّ غَيْرِهِ مِنْ الْقَتْلِ، أَوْ الْعَفْوِ، أَوْ الدِّيَةِ.

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ الْفَضْلِ: أَنَّ عُرْوَةَ كَتَبَ إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي رَجُلٍ خَنَقَ صَبِيًّا عَلَى أَوْضَاحٍ لَهُ حَتَّى قَتَلَهُ، فَوَجَدُوهُ وَالْحَبْلُ فِي يَدِهِ، فَاعْتَرَفَ بِذَلِكَ، فَكَتَبَ: أَنْ ادْفَعُوهُ إلَى أَوْلِيَاءِ الصَّبِيِّ، فَإِنْ شَاءُوا قَتَلُوهُ.

وَبِهَذَا يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابُهُمْ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ لِيَلُوحَ الصَّوَابُ فِي ذَلِكَ مِنْ الْخَطَأِ؟ فَوَجَدْنَا الْقَائِلِينَ فِي ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ عَفْوٌ فِي ذَلِكَ يَحْتَجُّونَ: بِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ نا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْيَهُودِ قَتَلَ جَارِيَةً مِنْ الْأَنْصَارِ عَلَى حُلِيٍّ لَهَا، ثُمَّ أَلْقَاهَا فِي الْقَلِيبِ، وَرَضَخَ رَأْسَهَا بِالْحِجَارَةِ، فَأُخِذَ وَأُتِيَ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَقَرَّ، فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُرْجَمَ، فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ» .

وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ نا هَمَّامٌ نا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ جَارِيَةً وُجِدَتْ قَدْ رُضَّ رَأْسُهَا بَيْنَ حَجَرَيْنِ فَسَأَلُوهَا مَنْ صَنَعَ هَذَا بِكَ؟ فُلَانٌ، فُلَانٌ؟ حَتَّى ذَكَرُوا يَهُودِيًّا، فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا، فَأُخِذَ الْيَهُودِيُّ فَأَقَرَّ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَرُضُّوا رَأْسَهُ بِالْحِجَارَةِ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>