تَعَلَّقَ بِالْآيَةِ فَنَظَرْنَا فِي هَذَا الْقَوْلِ فَوَجَدْنَا مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ نَا ثَابِتٌ - هُوَ الْبُنَانِيُّ - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، فَذَكَرَ حَدِيثًا، وَفِيهِ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: ٢٢٢] إلَى آخِرِ الْآيَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إلَّا النِّكَاحَ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَهَذَا خَبَرٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ، وَهُوَ بَيَانٌ لِلْآيَةِ، بَيَّنَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إثْرَ نُزُولِهَا مُرَادَ رَبِّهِ تَعَالَى فِيهَا.
وَصَحَّ بِهَذَا قَوْلُ مَنْ قَالَ مِنْ الْعُلَمَاءِ: إنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: ٢٢٢] إنَّمَا هُوَ مَوْضِعُ الْحَيْضِ - وَلَا شَكَّ فِي هَذَا - لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَيَّنَ مُرَادَ رَبِّهِ تَعَالَى فِي الْآيَةِ، وَلَمْ يَنْسَخْهَا، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤] وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ
[مَسْأَلَةٌ وَطِئَ حَائِضًا عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا]
١٩١٣ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ وَطِئَ حَائِضًا عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا: فَقَدْ عَصَى اللَّهَ تَعَالَى فِي الْعَمْدِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ لَا صَدَقَةٌ وَلَا غَيْرُهَا، إلَّا التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ.
وَقَدْ قَالَ قَائِلُونَ فِي ذَلِكَ بِكَفَّارَةٍ -: كَمَا رُوِّينَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ إنْ وَطِئَهَا فِي الدَّمِ فَدِينَارٌ، وَإِنْ وَطِئَهَا فِي انْقِطَاعِ الدَّمِ فَنِصْفُ دِينَارٍ.
وَعَنْ قَتَادَةَ: إنْ كَانَ وَاجِدًا فَدِينَارٌ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَنِصْفُ دِينَارٍ.
وَعَنْ عَطَاءٍ مَنْ وَطِئَ حَائِضًا يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ -: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ صَاحِبِ أَبِي حَنِيفَةَ -: وَرَأَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ دِينَارٍ أَوْ نِصْفَ دِينَارٍ وَوَجَدْنَا أَهْلَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ يَحْتَجُّونَ بِخَبَرٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مُسْنَدًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَمِقْسَمٌ ضَعِيفٌ
وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ شَرِيكٍ عَنْ خُصَيْفٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَشَرِيكٌ، وَخُصَيْفٌ ضَعِيفَانِ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute