مِنْ الْمَسَاكِينِ مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُهُ؛ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ قَبْلُ فِي بَابِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ عِنْدَ ذِكْرِنَا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١] وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ سَاقَى زَارِعَ أَرْضِهِ بِجُزْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا فَعَلَى مِنْ تَكُون الزَّكَاة]
٦٥٦ - مَسْأَلَةٌ:
وَمَنْ سَاقَى حَائِطَ نَخْلٍ أَوْ زَارِعَ أَرْضِهِ بِجُزْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا فَأَيُّهُمَا وَقَعَ فِي سَهْمِهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَصَاعِدًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ كَذَلِكَ مِنْ بُرٍّ، أَوْ شَعِيرٍ: فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَإِلَّا فَلَا؟ وَكَذَلِكَ مَنْ كَانَ لَهُ شَرِيكٌ فَصَاعِدًا فِي زَرْعٍ أَوْ فِي ثَمَرَةِ نَخْلٍ بِحَبْسٍ، أَوْ ابْتِيَاعٍ، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْوُجُوهِ كُلِّهَا وَلَا فَرْقَ؟ فَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْمَسَاكِينِ، أَوْ الْعُمْيَانِ، أَوْ الْمَجْذُومِينَ، أَوْ فِي السَّبِيلِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ - مِمَّا لَا يَتَعَيَّنُ بِأَهْلِهِ - أَوْ عَلَى مَسْجِدٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ: فَلَا زَكَاةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ؟ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُوجِبْ الزَّكَاةَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِمَّا ذَكَرْنَا؛ وَلَمْ يُوجِبْهَا عَلَى شَرِيكٍ مِنْ أَجْلِ ضَمِّ زَرْعِهِ إلَى زَرْعِ شَرِيكِهِ، قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] .
وَأَمَّا مَنْ لَا يَتَعَيَّنُ فَلَيْسَ يَصِحُّ أَنَّهُ يَقَعُ لِأَحَدِهِمْ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ؛ وَلَا زَكَاةَ إلَّا عَلَى مُسْلِمٍ يَقَعُ لَهُ مِمَّا يُصِيبُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ؟ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي كُلِّ ذَلِكَ الزَّكَاةُ؟ وَهَذَا خَطَأٌ، لِمَا قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ لَا شَرِيعَةَ عَلَى أَرْضٍ، وَإِنَّمَا الشَّرِيعَةُ عَلَى النَّاسِ، وَالْجِنِّ؛ وَلَوْ كَانَ مَا قَالُوا لَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي أَرَاضِي الْكُفَّارِ فَإِنْ قَالُوا: الْخَرَاجُ نَابَ عَنْهَا؟ قُلْنَا: كَانُوا فِي عَصْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا خَرَاجَ عَلَيْهِمْ، فَكَانَ يَجِبُ عَلَى قَوْلِكُمْ أَنْ تَكُونَ الزَّكَاةُ فِيمَا أَخْرَجَتْ أَرْضُهُمْ؛ وَهَذَا بَاطِلٌ بِإِجْمَاعٍ مِنْ أَهْلِ النَّقْلِ، وَبِإِجْمَاعِهِمْ مَعَ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute