صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِأَخْذِهِ لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُمَاتُ مِنْ مِثْلِهِ، كَقَطْعِ الْيَدِ، أَوْ شَقِّ الرَّأْسِ، أَوْ كَسْرِ الْفَخِذِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
أَوْ يَكُونَ مِمَّا لَا يُمَاتُ مِنْ مِثْلِهِ، كَاللَّطْمَةِ، وَضَرْبَةِ السَّوْطِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُمَاتُ مِنْ مِثْلِهِ فَذَلِكَ الَّذِي قَصَدَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَدَّى بِمَا قَدْ يُمَاتُ مِنْ مِثْلِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يُتَعَدَّى عَلَيْهِ بِمَا قَدْ يُمَاتُ مِنْ مِثْلِهِ، فَإِنْ مَاتَ فَعَلَى ذَلِكَ بَنَى فِيهِ، وَعَلَى ذَلِكَ بَنَى هُوَ فِيمَا تَعَدَّى فِيهِ.
وَالْوَجْهُ الَّذِي مَاتَ مِنْهُ أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى أَنْ نَتَعَمَّدَهُ فِيهِ، فَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ عُدْوَانًا، وَإِذْ لَيْسَ عُدْوَانًا عَلَيْهِ فَلَا قَوَدَ، وَلَا دِيَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْ خَطَأً، فَإِنْ مَاتَ مِنْ عَمْدٍ أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى أَنْ نَتَعَمَّدَهُ فِيهِ، وَلَمْ يُكَلِّفْنَا أَنْ لَا يَمُوتَ مِنْ ذَلِكَ - وَلَوْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَادَ ذَلِكَ لَمَا أَهْمَلَهُ، وَلَا أَغْفَلَهُ، وَلَا ضَيَّعَهُ، فَإِذْ لَمْ يُبَيِّنْ لَنَا تَعَالَى ذَلِكَ فَبِيَقِينٍ نَدْرِي أَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يُرِدْهُ قَطُّ.
وَإِنْ كَانَ الَّذِي اقْتَصَّ بِهِ مِنْهُ مِمَّا لَا يُمَاتُ مِنْهُ أَصْلًا فَوَافَقَ مَنِيَّتَهُ فَإِنَّمَا مَاتَ بِأَجَلِهِ، وَلَمْ يَمُتْ مِمَّا عَمِلَ بِهِ، لَا قَوَدَ، وَلَا دِيَةَ.
فَإِنْ تَعَمَّدَ الْمُقْتَصُّ فَتَعَدَّى عَلَى الْمُقْتَصِّ مِنْهُ مَا لَمْ يُبَحْ لَهُ، فَهُوَ مُتَعَدٍّ، وَعَلَيْهِ الْقَوَدُ فِي النَّفْسِ فَمَا دُونَهَا، وَإِنْ أَخْطَأَ فَأَتَى بِمَا لَمْ يُبَحْ لَهُ عَمَلُهُ: فَهُوَ خَطَأٌ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فِي النَّفْسِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ أَفْزَعَهُ السُّلْطَانُ فَتَلِفَ]
٢١٢٤ - مَسْأَلَةٌ: مَنْ أَفْزَعَهُ السُّلْطَانُ فَتَلِفَ؟ قَالَ عَلِيٌّ: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ وَغَيْرِهِ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: أَرْسَلَ عُمَرُ إلَى امْرَأَةٍ مُغَنِّيَةٍ كَانَ يُدْخَلُ عَلَيْهَا، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ، فَقِيلَ لَهَا: أَجِيبِي عُمَرَ؟ فَقَالَتْ: يَا وَيْلَهَا مَالَهَا وَلِعُمَرَ؟ قَالَ: فَبَيْنَمَا هِيَ فِي الطَّرِيقِ فَزِعَتْ، فَضَمَّهَا الطَّلْقُ، فَدَخَلَتْ دَارًا فَأَلْقَتْ وَلَدَهَا فَصَاحَ الصَّبِيُّ صَيْحَتَيْنِ فَمَاتَ؟ فَاسْتَشَارَ عُمَرَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَشَارَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ: أَنْ لَيْسَ عَلَيْك شَيْءٌ، إنَّمَا أَنْتَ وَالٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute