للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ سَقَطَ حُكْمُ الْجَسَدِ فِي التَّيَمُّمِ وَلَمْ يَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ الْمَسْحُ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَنَقُولُ صَدَقْتَ وَهَذَا يُبْطِلُ قَوْلَكُمْ بِالْقِيَاسِ، وَيُرِيكُمْ تَفَاسُدَهُ كُلَّهُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَهَكَذَا كُلُّ مَا رُمْتُمْ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا بِالْقِيَاسِ، لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي بَعْضِ الصِّفَاتِ، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ صِفَةٍ يَفْتَرِقَانِ فِيهَا.

قَالَ عَلِيٌّ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الرِّجْلَيْنِ {إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: ٦] كَمَا قَالَ فِي الْأَيْدِي {إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: ٦] دَلَّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الرِّجْلَيْنِ حُكْمُ الذِّرَاعَيْنِ، قِيلَ لَهُ: لَيْسَ ذِكْرُ الْمِرْفَقَيْنِ وَالْكَعْبَيْنِ دَلِيلًا عَلَى وُجُوبِ غَسْلِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَدْ ذَكَرَ الْوَجْهَ وَلَمْ يَذْكُرَ فِي مَبْلَغِهِ حَدًّا وَكَانَ حُكْمُهُ الْغَسْلَ، لَكِنْ لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الذِّرَاعَيْنِ بِالْغُسْلِ كَانَ حُكْمُهُمَا الْغُسْلَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي الرِّجْلَيْنِ وَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ حُكْمُهُمَا مَا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِمَا إلَّا أَنْ يُوجِبَهُ نَصٌّ آخَرُ قَالَ عَلِيٌّ: وَالْحُكْمُ لِلنُّصُوصِ لَا لِلدَّعَاوَى وَالظُّنُونِ. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ مَا لُبِسَ عَلَى الرَّأْسِ مِنْ عِمَامَةٍ أَوْ خِمَارٍ أَجْزَأَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ]

٢٠١ - مَسْأَلَةٌ: وَكُلُّ مَا لُبِسَ عَلَى الرَّأْسِ مِنْ عِمَامَةٍ أَوْ خِمَارٍ أَوْ قَلَنْسُوَةٍ أَوْ بَيْضَةٍ أَوْ مِغْفَرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ: أَجْزَأَ الْمَسْحُ عَلَيْهَا، الْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ، لِعِلَّةٍ أَوْ غَيْرِ عِلَّةٍ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ الَّذِي ذَكَرْنَا آنِفًا، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَسْعُودٍ ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَزْمٍ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى ثنا بِشْرُ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ «أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْعِمَامَةِ» .

وَرُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَبْدَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَاوُد الْخُرَيْبِيِّ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ.

وَهَذَا قُوَّةٌ لِلْخَبَرِ لِأَنَّ أَبَا سَلَمَةَ سَمِعَهُ مِنْ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>