كَبِدًا، أَوْ سَنَامًا، أَوْ مُصْرَانًا، أَوْ حَشْوَةً، أَوْ رَأْسًا، أَوْ أَكَارِعَ أَوْ سَمَكًا، أَوْ طَيْرًا، أَوْ قَدِيدًا: لَمْ يَحْنَثْ، لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا فِي اللُّغَةِ اسْمُ لَحْمٍ أَصْلًا، بَلْ كُلُّ لُغَوِيٍّ وَعَامِّيٍّ يَقُولُ فِي كُلِّ ذَلِكَ: لَيْسَ لَحْمًا وَلَا يُطْلَقُ عَلَى السَّمَكِ وَالطَّيْرِ اسْمُ لَحْمٍ إلَّا بِالْإِضَافَةِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ كَمَا قُلْنَا.
وَقَالَ مَالِكٌ: يَحْنَثُ بِكُلِّ ذَلِكَ - وَاحْتَجَّ لَهُ مُقَلِّدُوهُ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} [الواقعة: ٢١] ، {وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا} [فاطر: ١٢] .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَدْ قُلْنَا: إنَّهُ لَا يُطْلَقُ عَلَى ذَلِكَ اسْمُ لَحْمٍ إلَّا بِالْإِضَافَةِ، كَمَا لَا يُطْلَقُ عَلَى " مَاءِ الْوَرْدِ " اسْمُ مَاءٍ إلَّا بِالْإِضَافَةِ، وَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يَقُولُوا فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَجْمَعَهُ مَعَ فُلَانٍ سَقْفٌ أَنْ يَحْنَثَ وَلَا بُدَّ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا} [الأنبياء: ٣٢] .
وَأَنْ يَقُولَ فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَقْرَأَ بِضَوْءِ سِرَاجٍ، فَقَرَأَ بِضَوْءِ الشَّمْسِ: أَنْ يَحْنَثَ، لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: {وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا} [النبأ: ١٣] .
وقَوْله تَعَالَى: {وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا} [نوح: ١٦] .
وَأَنْ يَقُولُوا فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يُلْقِيَ ثِيَابَهُ عَلَى وَتَدٍ فَأَلْقَاهَا عَلَى جَبَلٍ: أَنْ يَحْنَثَ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا} [النبأ: ٧] وَهُمْ لَا يَقُولُونَ هَذَا؟ فَصَحَّ أَنَّ الْمُرَاعَى فِي ذَلِكَ مَا قُلْنَاهُ، وَلَا يُخَالِفُونَنَا فِيمَنْ قَالَ لِآخَرَ: ابْتَعْ لِي بِهَذَا الدِّرْهَمِ لَحْمًا؟ فَابْتَاعَ لَهُ بِهِ سَمَكًا، أَوْ دَجَاجَةً، أَوْ شَحْمًا، أَوْ رَأْسًا، أَوْ حَشْوَةً، أَوْ أَكَارِعَ: فَإِنَّهُ ضَامِنٌ لِلدِّرْهَمِ، وَإِنَّهُ قَدْ خَالَفَ مَا أُمِرَ بِهِ وَتَعَدَّى - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ شَحْمًا]
١١٦٤ - مَسْأَلَةٌ
وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ شَحْمًا حَنِثَ بِأَكْلِ شَحْمِ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ، وَكُلِّ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ شَحْمٍ، وَلَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِ اللَّحْمِ الْمَحْضِ وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ: لَا يَحْنَثُ إلَّا بِشَحْمِ الْبَطْنِ وَحْدَهُ، وَلَا يَحْنَثُ بِشَحْمِ الظَّهْرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute