وَقَالَ زُفَرُ: يَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَقَدْ صَحَّ تَحْرِيمُ الشِّغَارِ، وَالْمَوْهُوبَةِ، فَأَبَاحُوهَا، وَهِيَ فِي التَّحْرِيمِ أَبْيَنُ مِنْ الْمُتْعَةِ وَلَكِنَّهُمْ لَا يُبَالُونَ بِالتَّنَاقُضِ.
وَنَقْتَصِرُ مِنْ الْحُجَّةِ فِي تَحْرِيمِهَا عَلَى خَبَرِ ثَابِتٍ - وَهُوَ مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَقَالَ " سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ وَيَقُولُ: «مَنْ كَانَ تَزَوَّجَ امْرَأَةً إلَى أَجَلٍ فَلْيُعْطِهَا مَا سَمَّى لَهَا، وَلَا يَسْتَرْجِعْ مِمَّا أَعْطَاهَا شَيْئًا، وَيُفَارِقْهَا، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَهَا عَلَيْكُمْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مَا حَرَّمَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَقَدْ أَمِنَّا نَسْخَهُ.
وَأَمَّا قَوْلُ زُفَرَ فَفَاسِدٌ، لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَقَعْ إلَّا عَلَى أَجَلٍ مُسَمًّى.
فَمَنْ أَبْطَلَ هَذَا الشَّرْطَ وَأَجَازَ الْعَقْدَ، فَإِنَّهُ أَلْزَمَهُمَا عَقْدًا لَمْ يَتَعَاقَدَاهُ قَطُّ، وَلَا الْتَزَمَاهُ قَطُّ، لِأَنَّ كُلَّ ذِي حِسٍّ سَلِيمٍ يَدْرِي بِلَا شَكٍّ أَنَّ الْعَقْدَ الْمَعْقُودَ إلَى أَجَلٍ هُوَ غَيْرُ الْعَقْدِ الَّذِي هُوَ إلَى غَيْرِ أَجَلٍ.
فَمِنْ الْبَاطِلِ إبْطَالُ عَقْدٍ تَعَاقَدَاهُ وَإِلْزَامُهُمَا عَقْدًا لَمْ يَتَعَاقَدَاهُ، وَهَذَا لَا يَحِلُّ أَلْبَتَّةَ إلَّا أَنْ يَأْمُرَنَا بِهِ الَّذِي أَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ، لَا أَحَدَ دُونَهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ حُكْمُ نِكَاحِ الْأُمِّ وَالْجَدَّةِ]
١٨٥٩ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ نِكَاحُ الْأُمِّ، وَلَا الْجَدَّةِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ، أَوْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ، وَإِنْ بَعُدَتَا.
وَلَا الْبِنْتِ، وَلَا بِنْتٍ مِنْ قِبَلِ الْبِنْتِ، أَوْ مِنْ قِبَلِ الِابْنِ وَإِنْ سَفُلَتَا.
وَلَا نِكَاحُ الْأُخْتِ كَيْفَ كَانَتْ، وَلَا نِكَاحُ بِنْتِ أَخٍ، أَوْ بِنْتِ أُخْتٍ، وَإِنْ سَفُلَتَا.
وَلَا نِكَاحُ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ وَإِنْ بَعُدَتَا.
وَلَا نِكَاحُ أُمِّ الزَّوْجِ، وَلَا جَدَّتِهَا، وَإِنْ بَعُدَتْ.
وَلَا أُمِّ الْأَمَةِ الَّتِي حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا، وَلَا نِكَاحُ جَدَّتِهَا وَإِنْ بَعُدَتْ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ} [النساء: ٢٣]