وَلَمْ يَبْقَ إلَّا قَوْلُ مَنْ ضَمَّنَ مَا أَصَابَ الْجِدَارُ - أَشْهَدَ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ - أَوْ قَوْلُ مَنْ لَمْ يُضَمِّنْهُ مَا أَصَابَ - أَشْهَدَ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ - إذْ قَدْ صَحَّ أَنَّ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الْإِشْهَادِ وَغَيْرِ الْإِشْهَادِ: لَا مَعْنَى لَهُ أَلْبَتَّةَ.
فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا صَاحِبَ الْجِدَارِ الْمَائِلِ لَا يُسَمَّى " قَاتِلًا " لِمَنْ قَتَلَهُ الْجِدَارُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ؟ وَقَدْ يَكُونُ غَائِبًا بِأَقْصَى الْمَشْرِقِ وَالْحَائِطُ بِأَقْصَى الْمَغْرِبِ، فَإِذْ لَا يُسَمَّى قَاتِلَ عَمْدٍ، وَلَا قَاتِلَ خَطَأٍ فَلَا دِيَةَ فِي ذَلِكَ، وَلَا كَفَّارَةَ، وَلَا ضَمَانَ لِمَا تَلِفَ مِنْ مَالٍ، إذْ الْأَمْوَالُ مُحَرَّمَةٌ، وَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِغَرَامَةٍ عَلَى أَحَدٍ لَمْ يُوجِبْهَا عَلَيْهِ نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ الْجَرَّةُ تُوضَعُ إلَى بَابٍ أَوْ إنْسَانٌ يَسْتَنِدُ إلَى بَابٍ فَيَفْتَحُ الْبَابَ فَاتِحٌ فَيَقَعُ الْإِنْسَانُ فَيَمُوتُ]
٢١١٠ - مَسْأَلَةٌ: الْجَرَّةُ تُوضَعُ إلَى بَابٍ، أَوْ إنْسَانٍ يَسْتَنِدُ إلَى بَابٍ، فَيَفْتَحُ الْبَابَ فَاتِحٌ فَيُفْسِدُ الْمَتَاعَ، أَوْ يَقَعُ الْإِنْسَانُ فَيَمُوتُ؟ قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ قَوْمٌ بِالتَّضْمِينِ فِي هَذَا، وَأَسْقَطَ قَوْمٌ فِيهِ الضَّمَانَ، وَالظَّاهِرُ عِنْدَنَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ - أَنَّهُ ضَامِنٌ لِلْمَتَاعِ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَالْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ لِإِسْقَاطِ الْمَتَاعِ، وَإِسْقَاطِ الْمُسْنَدِ قَاصِدًا إلَى ذَلِكَ - وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ - بِخِلَافِ مَا ذَكَرْنَا قَبْلُ مِمَّا لَمْ يُبَاشِرْ الْإِتْلَافَ فِيهِ، وَلَوْ أَنَّهُ فَعَلَ هَذَا عَمْدًا لَكَانَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ، وَهَذَا وَاَلَّذِي يُزْحِمُ دَابَّتَهُ فِي الطَّرِيقِ فَيَدْفَعُهَا عَنْ طَرِيقِهِ فَتَدُوسُ إنْسَانًا، أَوْ تُفْسِدُ مَتَاعًا، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ لِلْإِفْسَادِ، وَلَا نُبَالِي بِتَعَدِّي مُسْنِدِ الْجَرَّةِ، وَالْمُتَّكِئِ إلَى الْبَابِ لَوْ كَانَا مُتَعَدِّيَيْنِ فَكَيْفَ وَلَا عُدْوَانَ فِي هَذَا.
وَلَوْ أَنَّ امْرَأً رَقَدَ لَيْلًا فِي طَرِيقٍ فَدَاسَهُ إنْسَانٌ فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ قَاتِلُ خَطَأٍ بِلَا شَكٍّ.
وَكَذَلِكَ لَوْ دَخَلَ دَارَ إنْسَانٍ لِيَسْرِقَ فَدَاسَهُ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ فَقَتَلَهُ فَهُوَ مُبَاشِرٌ لِقَتْلِهِ، فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ مُحَارِبًا لَهُ، وَالدِّيَةُ فِي ذَلِكَ، وَالْكَفَّارَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي غَيْرِ الْعَمْدِ. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute