وَأَمَّا - شَأْنُكُمْ بِهَا؟ فَرُوِّينَا عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ: رَأَى النَّاسُ أَنَّهَا طَلْقَةٌ - وَعَنْ مَسْرُوقٍ، وَطَاوُسٍ، وَإِبْرَاهِيمَ: مَا أُرِيدَ بِهِ الطَّلَاقُ فَهُوَ طَلَاقٌ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -
فَإِنْ قَالُوا: الْوَرَعُ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهَا؟ قُلْنَا: إنَّمَا أَوْرَعُ لِكُلِّ مُفْتٍ فِي الْأَرْضِ أَنْ لَا يَحْتَاطَ لِغَيْرِهِ بِمَا يُهْلِكُ بِهِ نَفْسَهُ، وَأَنْ لَا يَسْتَحِلَّ تَحْرِيمَ فَرْجِ امْرَأَةٍ عَلَى زَوْجِهَا وَإِبَاحَتَهُ لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ حُكْمٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: ١٠٢] .
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى الْفِدَاءَ طَلَاقًا حَتَّى يُطَلِّقَ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ - جَلَّ وَعَزَّ - ذَكَرَ الطَّلَاقَ مِنْ قَبْلِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْفِدَاءَ فَلَمْ يَجْعَلْهُ طَلَاقًا، ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ} [البقرة: ٢٣٠] .
فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ بِأَصَحِّ إسْنَادٍ عَنْهُ: لَا يَرَى طَلَاقًا إلَّا بِلَفْظِ الطَّلَاقِ، أَوْ مَا سَمَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ طَلَاقًا وَهَذَا هُوَ قَوْلُنَا.
قَدْ ذَكَرْنَا خِلَافَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ لِكُلِّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَمَا قَالَاهُ مِمَّا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ قَبْلَهُمَا بِغَيْرِ نَصٍّ فِي ذَلِكَ أَصْلًا.
[مَسْأَلَةٌ الْوَكَالَةُ فِي الطَّلَاقِ]
١٩٥٥ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا تَجُوزُ الْوَكَالَةُ فِي الطَّلَاقِ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا} [الأنعام: ١٦٤] فَلَا يَجُوزُ عَمَلُ أَحَدٍ عَنْ أَحَدٍ إلَّا حَيْثُ أَجَازَهُ الْقُرْآنُ، أَوْ السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يَجُوزُ كَلَامُ أَحَدٍ عَنْ كَلَامِ غَيْرِهِ مِنْ حَيْثُ أَجَازَهُ الْقُرْآنُ أَوْ سُنَّةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَأْتِ فِي طَلَاقِ أَحَدٍ عَنْ أَحَدٍ بِتَوْكِيلِهِ إيَّاهُ قُرْآنٌ وَلَا سُنَّةٌ؛ فَهُوَ بَاطِلٌ.
وَالْمُخَالِفُونَ لَنَا أَصْحَابُ قِيَاسٍ بِزَعْمِهِمْ، وَبِالضَّرُورَةِ يَدْرِي كُلُّ أَحَدٍ أَنَّ الطَّلَاقَ كَلَامٌ، وَالظِّهَارَ كَلَامٌ، وَاللِّعَانَ كَلَامٌ، وَالْإِيلَاءَ كَلَامٌ.
وَلَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُظَاهِرَ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلَا أَنْ يُلَاعِنَ أَحَدٌ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute