قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا حُكْمٌ إنَّمَا كَتَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ وَلَمْ يَكْتُبْهُ عَلَيْنَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ} [المائدة: ٣٢] .
قَالَ عَلِيٌّ: فَهَذَا أَمْرٌ قَدْ كُفِينَاهُ - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ - إذْ لَوْ كَتَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا لَأَعْلَمَنَا بِذَلِكَ، فَلَهُ الْحَمْدُ كَثِيرًا، وَهَذَا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - إذْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ فَهُوَ مِنْ الْإِصْرِ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَى مَنْ قَبْلَنَا.
وَأَمَرَنَا تَعَالَى أَنْ نَدْعُوَهُ فِي أَنْ لَا يَحْمِلَهُ عَلَيْنَا إذْ يَقُولُ تَعَالَى {وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} [البقرة: ٢٨٦] فَإِذْ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا فَلَمْ نُكَلَّفْ مَعْرِفَةَ كَيْفِيَّتِهِ، إلَّا أَنَّ الَّذِي كَتَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا: هُوَ تَحْرِيمُ الْقَتْلِ، وَالْوَعِيدُ الشَّدِيدُ فِيهِ، فَفَرَضَ عَلَيْنَا اجْتِنَابَهُ، وَاعْتِقَادَ أَنَّهُ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الشِّرْكِ، وَهُوَ مَعَ تَرْكِ الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَهُ.
وَمِمَّا كَتَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَيْضًا عَلَيْنَا اسْتِنْقَاذَ كُلِّ مُتَوَرِّطٍ مِنْ الْمَوْتِ إمَّا بِيَدِ ظَالِمٍ كَافِرٍ، أَوْ مُؤْمِنٍ مُتَعَدٍّ، أَوْ حَيَّةٍ أَوْ سَبُعٍ، أَوْ نَارٍ أَوْ سَيْلٍ، أَوْ هَدْمٍ أَوْ حَيَوَانٍ، أَوْ مِنْ عِلَّةٍ صَعْبَةٍ نَقْدِرُ عَلَى مُعَانَاتِهِ مِنْهَا، أَوْ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ كَانَ، فَوَعَدَنَا عَلَى ذَلِكَ الْأَجْرَ الْجَزِيلَ الَّذِي لَا يُضَيِّعُهُ رَبُّنَا تَعَالَى، الْحَافِظُ عَلَيْنَا صَالِحَ أَعْمَالِنَا وَسَيِّئَهُ.
فَفَرْضٌ عَلَيْنَا أَنْ نَأْتِيَ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ مَا افْتَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا، وَأَنْ نَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ أَحْصَى أَجْرَنَا عَلَى ذَلِكَ مَنْ يُجَازِي عَلَى مِثْقَالِ الذَّرَّةِ مِنْ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ.
نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى التَّوْفِيقَ لِمَا يُرْضِيهِ بِمَنِّهِ آمِينَ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَعْتَصِمُ.
[مَسْأَلَةٌ شَقَّ نَهْرًا فَغَرَّقَ نَاسًا]
٢١٢٠ - مَسْأَلَةٌ: مَنْ شَقَّ نَهْرًا فَغَرَّقَ نَاسًا، أَوْ طَرَحَ نَارًا، أَوْ هَدَمَ بِنَاءً فَقَتَلَ؟ قَالَ عَلِيٌّ: مَنْ شَقَّ نَهْرًا فَغَرَّقَ قَوْمًا، فَإِنْ كَانَ فَعَلَ ذَلِكَ عَامِدًا لِيُغْرِقَهُمْ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ وَالدِّيَاتُ مِنْ قَتْلِ جَمَاعَةٍ، وَإِنْ كَانَ شَقَّهُ لِمَنْفَعَةٍ أَوْ لِغَيْرِ مَنْفَعَةٍ - وَهُوَ لَا يَدْرِي أَنَّهُ لَا يُصِيبُ بِهِ أَحَدًا - فَمَا هَلَكَ بِهِ فَهُوَ قَاتِلُ خَطَأٍ، وَالدِّيَاتُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَالْكَفَّارَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute