إنْسَانًا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا فَفَتَحَ الْمَزَادَةَ حَتَّى ذَهَبَ مَا فِيهَا» وَاَلَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَشْرَبُ مَا يُنْبَذُ لَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ يَأْمُرُ بِأَنْ يُشْرَبَ أَوْ يُهْرَقَ وَهُوَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَدْ نَهَى عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ فَلَوْ كَانَ مَا حَرَّمَ مَالًا لَمَا أَضَاعَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فَإِذْ لَيْسَ مَالًا فَقَدْ سَقَطَ مِلْكُ صَاحِبِهِ عَنْهُ، فَإِذْ سَقَطَ عَنْهُ ثُمَّ عَادَ إلَى أَنْ صَارَ خَلًّا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ مِلْكُهُ عَلَى مَا لَا مِلْكَ لَهُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ إلَّا بِنَصٍّ، وَلَا نَصَّ فِي ذَلِكَ فَهُوَ لِمَنْ سَبَقَ إلَيْهِ كَسَائِرِ مَا لَا يَمْلِكُهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّيْدِ وَالْحَطَبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ -: وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مِلْكُهَا جَائِزٌ وَتَخْلِيلُهَا جَائِزٌ -: وَهَذَا بَاطِلٌ لِمَا ذَكَرْنَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ تَعَمَّدَ تَخْلِيلَ الْخَمْرِ لَمْ يَحِلَّ أَكْلُ ذَلِكَ الْخَلِّ فَإِنْ تَخَلَّلَتْ دُونَ أَنْ تُخَلَّلَ حَلَّ أَكْلُهَا - وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: لَا تُؤْكَلُ تَخَلَّلْت أَوَخُلِّلَتْ.
وَقَوْلُنَا فِي مِلْكِهَا هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ.
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ إسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ التَّمِيمِيِّ عَنْ أُمِّ خِدَاشٍ أَنَّهَا رَأَتْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَصْطَبِغُ بِخَلِّ خَمْرٍ.
ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ: اخْتَلَفَ اثْنَانِ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ فِي خَلِّ الْخَمْرِ فَسَأَلَا أَبَا الدَّرْدَاءِ؟ فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ.
ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ حُمَيْدٍ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُسَرْبَلٍ الْعَبْدِيِّ عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ: سَأَلْت عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ خَلِّ الْخَمْرِ؟ فَقَالَتْ: لَا بَأْسَ بِهِ هُوَ إدَامٌ.
وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِأَكْلِ مَا كَانَ خَمْرًا فَصَارَ خَلًّا.
وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: لَا بَأْسَ بِخَلِّ الْخَمْرِ - وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - وَلَا نَعْلَمُ مِثْلَ تَفْرِيقِ مَالِكٍ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ.
[مَسْأَلَةٌ كَسْرُ أَوَانِي الْخَمْرِ]
١١٠٥ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ كَسْرُ أَوَانِي الْخَمْرِ، وَمَنْ كَسَرَهَا مِنْ حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهَا، لَكِنْ تُهْرَقُ وَتُغْسَلُ الْفَخَّارُ، وَالْجُلُودُ، وَالْعِيدَانُ، وَالْحَجَرُ، وَالدُّبَّاءُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ، كُلُّهُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute