للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ نَسْأَلُهُمْ: أَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ قَبْلَ الْحَوْلِ أَمْ لَمْ تَجِبْ فَإِنْ قَالُوا: لَمْ تَجِبْ؟ قُلْنَا: فَكَيْفَ تُجِيزُونَ أَدَاءَ مَا لَمْ يَجِبْ؟ وَمَا لَمْ يَجِبْ فِعْلُهُ تَطَوُّعٌ، وَمَنْ تَطَوَّعَ فَلَمْ يُؤَدِّ الْوَاجِبَ وَإِنْ قَالُوا: قَدْ وَجَبَتْ؟ قُلْنَا: فَالْوَاجِبُ إجْبَارُ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَقٌّ عَلَى أَدَائِهِ، وَهَذَا بُرْهَانٌ لَا مَحِيدَ عَنْهُ أَصْلًا، وَنَسْأَلُهُمْ: كَيْفَ الْحَالُ إنْ مَاتَ الَّذِي عَجَّلَ الصَّدَقَةَ قَبْلَ الْحَوْلِ؟ أَوْ تَلِفَ الْمَالُ قَبْلَ الْحَوْلِ؟ أَوْ مَاتَ الَّذِينَ أَعْطُوهَا قَبْلَ الْحَوْلِ؟ أَوْ خَرَجُوا عَنْ الصِّفَاتِ الَّتِي بِهَا تُسْتَحَقُّ الزَّكَوَاتُ؟ فَصَحَّ أَنَّ تَعْجِيلَهَا بَاطِلٌ، وَإِعْطَاءٌ لِمَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا، وَمَنْعٌ لِمَنْ يَسْتَحِقُّهَا، وَإِبْطَالُ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ؛ وَكُلُّ هَذَا لَا يَجُوزُ. وَالْعَجَبُ مِنْ إجَازَةِ الْحَنَفِيِّينَ تَعْجِيلَ الزَّكَاةِ وَمَنْعُهُمْ مِنْ تَعْجِيلِ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْحِنْثِ وَكِلَاهُمَا مَالٌ مُعَجَّلٌ، إلَّا أَنَّ النَّصَّ قَدْ يَصِحُّ بِتَعْجِيلِ مَا مَنَعُوا تَعْجِيلَهُ، وَلَمْ يَأْتِ بِتَعْجِيلِ مَا أَبَاحُوا تَعْجِيلَهُ، فَتَنَاقَضُوا فِي الْقِيَاسِ، وَصَحَّحُوا الْآثَارَ الْفَاسِدَةَ، وَأَبْطَلُوا الْأَثَرَ الصَّحِيحَ، وَأَمَّا الْمَالِكِيُّونَ فَإِنَّهُمْ - مَعَ مَا تَنَاقَضُوا - خَالَفُوا فِي هَذِهِ الْجُمْهُورَ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَهُمَا يُعَظِّمُونَ هَذَا إذَا وَافَقَهُمْ، وَخَالَفَ الشَّافِعِيُّونَ فِيهِ الْقِيَاسَ، وَقَبِلُوا الْمُرْسَلَ الَّذِي يَرُدُّونَهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ الزَّكَاةُ عَلَى مِنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ أَوْ مَاشِيَةٌ]

٦٩٤ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ أَوْ مَاشِيَةٌ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي مِقْدَارِ ذَلِكَ لَوْ كَانَ حَاضِرًا فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا عِنْدَهُ لَمْ يَتْلَفْ وَأَتَمَّ عِنْدَهُ حَوْلًا مِنْهُ مَا فِي مِقْدَارِهِ الزَّكَاةُ -: زَكَّاهُ، وَإِلَّا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ أَصْلًا، وَلَوْ أَقَامَ عَلَيْهِ سِنِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>