حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ «أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: أَوَّلُ لِعَانٍ كَانَ فِي الْإِسْلَامِ أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ شَرِيكَ ابْنَ سَحْمَاءَ بِامْرَأَتِهِ فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَةُ شُهَدَاءَ وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ» وَذَكَرَ حَدِيثَ اللِّعَانِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَهَذَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ حُجَّةٌ فِي اللُّغَةِ وَفِي النَّقْلِ فِي الدِّيَانَةِ قَدْ سَمَّى الرَّمْيَ: قَذْفًا، مَعَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَلَا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمِلَّةِ.
وَكَذَلِكَ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي أَنَّ " الرَّمْيَ " الْمَذْكُورَ فِي الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ الْمُوجِبَ لِلْجَلْدِ وَالْفِسْقِ، وَسُقُوطِ الشَّهَادَةِ هُوَ الرَّمْيُ بِالزِّنَى بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ.
ثُمَّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الرَّمْيِ بِغَيْرِ الزِّنَى أَيُوجِبُ حَدًّا أَمْ لَا؟
فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا حَدَّ إلَّا فِي الرَّمْيِ بِالزِّنَى فَقَطْ، وَلَا حَدَّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، لَا فِي نَفْيٍ عَنْ نَسَبِ أَبٍ أَوْ جَدٍّ، وَلَا فِي رَمْيٍ بِلُوطِيَّةٍ، وَلَا فِي رَمْيٍ بِبِغَاءٍ، وَلَا فِي رَمْيِ رَجُلٍ بِوَطْءٍ فِي دُبُرِ امْرَأَةٍ، وَلَا فِي إتْيَانِ بَهِيمَةٍ، وَلَا فِي رَمْيِ امْرَأَةٍ أَنَّهَا أُتِيَتْ فِي دُبُرِهَا، وَلَا فِي رَمْيِهَا بِبَهِيمَةٍ، وَلَا فِي رَمْيٍ بِكُفْرٍ، وَلَا بِشُرْبِ خَمْرٍ، وَلَا فِي شَيْءٍ أَصْلًا - وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا.
وَقَالَ قَائِلُونَ فِي بَعْضِ مَا ذَكَرْنَا: إيجَابُ الْجَلْدِ، وَنَحْنُ نَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَا يَسَّرَ اللَّهُ تَعَالَى لِذِكْرِهِ مِنْ ذَلِكَ، وَبَيَانِ الْحَقِّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ نَسْتَعِينُ.
[مَسْأَلَة النَّفْيُ عَنْ النَّسَبِ]
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيمَنْ نَفَى آخَرَ عَنْ نَسَبِهِ: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: فِيهِ الْحَدُّ - وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا حَدَّ فِيهِ، فَأَمَّا مَنْ أَوْجَبَ فِيهِ الْحَدَّ - فَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَا حَدَّ إلَّا فِي اثْنَيْنِ: أَنْ يَقْذِفَ مُحْصَنَةً، أَوْ يَنْفِيَ رَجُلًا عَنْ أَبِيهِ، وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ أَمَةً.
وَعَنْ الشَّعْبِيِّ فِي الرَّجُلِ يَنْفِي الرَّجُلَ مِنْ فَخْذِهِ، قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ حَدٌّ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute