للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ مَنْعُهُ طَلَبَ الْعِلْمِ فِي الْمَسْجِدِ وَقَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - تُرَجِّلُ شَعْرَهُ الْمُقَدَّسَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ» ، وَكُلُّ مَا أَبَاحَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَلَيْسَ مَعْصِيَةً، لَكِنَّهُ إمَّا طَاعَةً وَإِمَّا سَلَامَةً؟

[مَسْأَلَةٌ خُرُوجُ الْمُعْتَكِفِ عَنْ الْمَسْجِدِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ]

٦٣٠ - مَسْأَلَةٌ وَلَا يُبْطِلُ الِاعْتِكَافَ شَيْءٌ إلَّا خُرُوجُهُ عَنْ الْمَسْجِدِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ عَامِدًا ذَاكِرًا، لِأَنَّهُ قَدْ فَارَقَ الْعُكُوفَ وَتَرَكَهُ، وَمُبَاشَرَةُ الْمَرْأَةِ فِي غَيْرِ التَّرْجِيلِ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: ١٨٧] .

وَتَعَمُّدُ مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى - أَيِّ مَعْصِيَةٍ كَانَتْ، لِأَنَّ الْعُكُوفَ الَّذِي نَدَبَ اللَّهُ تَعَالَى إلَيْهِ هُوَ الَّذِي لَا يَكُونُ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَلَا شَكَّ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ الْعُكُوفَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ فَمَنْ عَكَفَ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى مَعْصِيَةٍ فَقَدْ تَرَكَ الْعُكُوفَ عَلَى الطَّاعَةِ فَبَطَلَ عُكُوفُهُ

وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ؟ وَقَالَ مَالِكٌ: الْقُبْلَةُ تُبْطِلُ الِاعْتِكَافَ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُبْطِلُ الِاعْتِكَافَ مُبَاشَرَةٌ وَلَا قُبْلَةٌ إلَّا أَنْ يَنْزِلَ، وَهَذَا تَحْدِيدٌ فَاسِدٌ، قِيَاسٌ لِلْبَاطِلِ عَلَى الْبَاطِلِ، وَقَوْلٌ بِلَا بُرْهَانٍ؟

[مَسْأَلَةٌ الْمُعْتَكِف إذَا عَصَى نَاسِيًا أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِد نَاسِيًا]

٦٣١ - مَسْأَلَةٌ وَمَنْ عَصَى نَاسِيًا، أَوْ خَرَجَ نَاسِيًا، أَوْ مُكْرَهًا، أَوْ بَاشَرَ، أَوْ جَامَعَ نَاسِيًا، أَوْ مُكْرَهًا -: فَالِاعْتِكَافُ تَامٌّ لَا يَكْدَحُ كُلُّ ذَلِكَ فِيهِ شَيْئًا، لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمِدْ إبْطَالَ اعْتِكَافِهِ وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ - «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» .

٦٣٢ - مَسْأَلَةٌ وَيُؤَذِّنُ فِي الْمِئْذَنَةِ إنْ كَانَ بَابُهَا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي صَحْنِهِ، وَيَصْعَدُ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ، لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِنْ الْمَسْجِدِ، فَإِنْ كَانَ بَابُ الْمِئْذَنَةِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ إنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ؟

وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>