الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، إلَّا لِضَرُورَةٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مَعَهَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَؤُمَّ وَهُوَ يَنْظُرُ مَا يَقْرَأُ بِهِ فِي الْمُصْحَفِ]
٤٩٣ - مَسْأَلَةٌ:
وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَؤُمَّ وَهُوَ يَنْظُرُ مَا يَقْرَأُ بِهِ فِي الْمُصْحَفِ، لَا فِي فَرِيضَةٍ وَلَا نَافِلَةٍ، فَإِنْ فَعَلَ عَالِمًا بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَصَلَاةُ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ عَالِمًا بِحَالِهِ، عَالِمًا بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ؟ قَالَ عَلِيٌّ: مَنْ لَا يَحْفَظُ الْقُرْآنَ فَلَمْ يُكَلِّفْهُ اللَّهُ تَعَالَى قِرَاءَةَ مَا لَا يَحْفَظُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ فِي وُسْعِهِ.
قَالَ تَعَالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦]
فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا ذَلِكَ فَتَكَلَّفَهُ مَا سَقَطَ عَنْهُ: بَاطِلٌ، وَنَظَرُهُ فِي الْمُصْحَفِ عَمَلٌ لَمْ يَأْتِ بِإِبَاحَتِهِ فِي الصَّلَاةِ نَصٌّ.
وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا» ؟ وَكَذَلِكَ صَلَاةُ مَنْ صَلَّى عَلَى عَصًا، أَوْ إلَى حَائِطٍ لِضَعْفِهِ عَنْ الْقِيَامِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْمَرْ بِذَلِكَ وَحُكْمُ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ أَنْ يُصَلِّي جَالِسًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ.
وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فَضْلًا لَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْلَى بِذَلِكَ، لَكِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ، بَلْ صَلَّى جَالِسًا إذْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ، وَأَمَرَ بِذَلِكَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ، فَصَلَاةُ الْمُعْتَمِدِ: مُخَالِفَةٌ لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» .
وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنِ، وَغَيْرِهِمَا
[مَسْأَلَةٌ نَسِيَ صَلَاةَ فَرْضٍ فَوَجَدَ إمَامًا يُصَلِّي صَلَاةً أُخْرَى فِي جَمَاعَةٍ]
٤٩٤ - مَسْأَلَةٌ:
وَمَنْ نَسِيَ صَلَاةَ فَرْضٍ - أَيَّ صَلَاةٍ كَانَتْ - فَوَجَدَ إمَامًا يُصَلِّي صَلَاةً أُخْرَى - أَيَّ صَلَاةٍ كَانَتْ - فِي جَمَاعَةٍ: فَفَرْضٌ عَلَيْهِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَدْخُلَ فَيُصَلِّي الَّتِي فَاتَتْهُ، وَتُجْزِئُهُ، وَلَا نُبَالِي بِاخْتِلَافِ نِيَّةِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَجَائِزٌ صَلَاةُ الْفَرْضِ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ: وَالْمُتَنَفِّلِ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الْفَرْضَ، وَصَلَاةُ فَرْضٍ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي صَلَاةَ فَرْضٍ أُخْرَى، كُلُّ ذَلِكَ حَسَنٌ، وَسُنَّةٌ؟ وَلَوْ وَجَدَ الْمَرْءُ جَمَاعَةً تُصَلِّي التَّرَاوِيحَ فِي رَمَضَانَ، وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ، فَلْيُصَلِّهَا مَعَهُمْ، يَنْوِي فَرْضَهُ، فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَكُنْ هُوَ أَتَمَّ صَلَاتَهُ فَلَا يُسَلِّمُ، بَلْ يَقُومُ، فَإِنْ قَامَ الْإِمَامُ إلَى الرَّكْعَتَيْنِ: قَامَ هُوَ أَيْضًا فَائْتَمَّ بِهِ فِيهِمَا، ثُمَّ يُسَلِّمُ بِسَلَامِ