للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالشَّافِعِيِّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تُجْزِي إلَّا مُتَتَابِعَةً - وَاحْتَجُّوا بِقِيَاسِهَا عَلَى كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَالْقَتْلِ، وَقَالُوا فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: " مُتَتَابِعَاتٍ ".

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مِنْ الْعَجَائِبِ أَنْ يَقِيسَ الْمَالِكِيُّونَ: الرَّقَبَةَ فِي أَنْ تَكُونَ مُؤْمِنَةً فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ عَلَى كَفَّارَةِ الْقَتْلِ، وَلَا يَقِيسُهَا الْحَنَفِيُّونَ عَلَيْهَا، وَيَقِيسُ الْحَنَفِيُّونَ الصَّوْمَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ فِي وُجُوبِ كَوْنِهِ مُتَتَابِعًا عَلَى صَوْمِ كَفَّارَةِ قَتْلِ الْخَطَإِ، وَالظِّهَارِ، وَلَا يَقِيسُهُ الْمَالِكِيُّونَ عَلَيْهِ، فَاعْجَبُوا لِهَذِهِ الْمَقَايِيسِ الْمُتَخَاذِلَةِ الْمَحْكُومِ بِهَا فِي الدِّينِ مُجَازَفَةً؟ وَأَمَّا قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَهِيَ مِنْ شَرْقِ الْأَرْضِ إلَى غَرْبِهَا أَشْهَرُ مِنْ الشَّمْسِ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمٍ، وَحَمْزَةَ، وَالْكِسَائِيِّ لَيْسَ فِيهَا مَا ذَكَرُوا ثُمَّ لَا يَسْتَحْيُونَ مِنْ أَنْ يَزِيدُوا فِي الْقُرْآنِ الْكَذِبَ الْمُفْتَرَى نَصْرًا لِأَقْوَالِهِمْ الْفَاسِدَةِ، وَهُمْ يَأْبَوْنَ مِنْ قَبُولِ التَّغْرِيبِ فِي الزِّنَى، لِأَنَّهُ عِنْدَهُمْ زِيَادَةٌ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

ثُمَّ لَا يَسْتَحْيُونَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا مِنْ النَّاسِ فِي أَنْ يَزِيدُوا فِي الْقُرْآنِ مَا يَكُونُ مَنْ زَادَهُ فِيهِ كَافِرًا وَمَا إنْ قَرَأَ بِهِ فِي الْمِحْرَابِ اُسْتُتِيبَ وَإِنْ كَتَبَهُ فِي مُصْحَفٍ قُطِعَتْ الْوَرَقَةُ أَوْ بُشِرَ نَصْرًا لِتَقْلِيدِهِمْ، فَإِذْ لَمْ يَخُصَّ اللَّهُ تَعَالَى تَتَابُعًا مِنْ تَفْرِيقٍ، فَكَيْفَمَا صَامَهُنَّ أَجْزَأَهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ كَانَ الحانث فِي الْيَمِين عِنْدَهُ مَا يُطْعِمُ مِنْهُ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ]

١١٨٨ - مَسْأَلَةٌ

وَمَنْ عِنْدَهُ فَضْلٌ عَنْ قُوتِ يَوْمِهِ وَقُوتِ أَهْلِهِ مَا يُطْعِمُ مِنْهُ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ لَمْ يُجْزِهِ الصَّوْمُ أَصْلًا، لِأَنَّهُ وَاجِدٌ، وَلَا يُجْزِئُ الْوَاجِدُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ إلَّا مَا وَجَدَ، وَلَا يُجْزِئُ الصَّوْمُ إلَّا مَنْ لَمْ يَجِدْ. وَالْعَبْدُ، وَالْحُرُّ، فِي كُلِّ ذَلِكَ سَوَاءٌ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] وَمَنْ حَدَّ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا مِنْ قُوتِ جُمُعَةٍ، أَوْ أَشْهُرٍ، أَوْ سَنَةٍ؛ كُلِّفَ الدَّلِيلَ، وَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَيْهِ؟

[مَسْأَلَةٌ لَا يُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَة إطْعَامُ بَعْضِ الْعَشَرَةِ وَكِسْوَةُ بَعْضِهِمْ]

١١٨٩ - مَسْأَلَةٌ وَلَا يُجْزِئُ إطْعَامُ بَعْضِ الْعَشَرَةِ وَكِسْوَةُ بَعْضِهِمْ - وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ - وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانُ: يُجْزِئُ - وَهَذَا خِلَافُ الْقُرْآنِ وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَهُ قَبْلَ أَبِي حَنِيفَةَ.

[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ عَلَى إثْمٍ]

١١٩٠ - مَسْأَلَةٌ

وَمَنْ حَلَفَ عَلَى إثْمٍ فَفُرِضَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ وَيُكَفِّرَ، فَإِنْ حَلَفَ عَلَى مَا لَيْسَ إثْمًا فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ - وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَلْزَمُهُ ذَلِكَ إذَا رَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>