قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا لَا مَعْنَى لَهُ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَسْحُ الْأَسْفَلِ لَيْسَ فَرْضًا وَلَا جَاءَ نَدْبٌ إلَيْهِ: فَلَا مَعْنَى لَهُ.
وَقَالَ مَالِكٌ: يَمْسَحُ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ صَاحِبُهُ: إنْ مَسَحَ الظَّاهِرَ دُونَ الْبَاطِنِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ، وَإِنْ مَسَحَ الْبَاطِنَ دُونَ الظَّاهِرِ أَعَادَ أَبَدًا.
وَقَدْ رُوِّينَا مَسْحَ ظَاهِرِ الْخُفَّيْنِ وَبَاطِنِهِمَا عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ.
قَالَ عَلِيٌّ: الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ عَلَى أُصُولِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا مَعْنَى لَهَا، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أَدَّى فَرْضَ طَهَارَتِهِ وَصَلَاتِهِ فَلَا مَعْنَى لِلْإِعَادَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُؤَدِّهِمَا فَيَلْزَمُهُ عِنْدَهُمْ أَنْ يُصَلِّيَ أَبَدًا.
وَاحْتَجَّ مَنْ رَأْي مَسْحَ بَاطِنِ الْخُفَّيْنِ مَعَ ظَاهِرِهِمَا بِحَدِيثٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ عَنْ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ أَعْلَى الْخُفَّيْنِ وَأَسْفَلَهُمَا» وَحَدِيثٍ آخَرَ رُوِّينَاهُ عَنْ بْنِ وَهْبٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَزِيدَ الْكَعْبِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ «أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْسَحُ أَعْلَى الْخُفَّيْنِ وَأَسْفَلَهُمَا» وَآخَرُ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ بْنِ وَهْبٍ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَعَيْنَ عَنْ أَشْيَاخٍ لَهُمْ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ «أَنَّهُمْ رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْسَحُ أَعْلَى الْخُفَّيْنِ وَأَسْفَلَهُمَا» .
قَالَ عَلِيٌّ: هَذَا كُلُّهُ لَا شَيْءَ، أَمَّا حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ وَعُبَادَةَ فَأَسْقَطُ مِنْ أَنْ يَخْفَى عَلَى ذِي لُبٍّ؛ لِأَنَّهُ عَمَّنْ لَا يُسَمَّى عَمَّنْ لَا يُدْرَى مَنْ هُوَ عَمَّنْ لَا يُعْرَفُ، وَهَذَا فَضِيحَةٌ.
وَأَمَّا حَدِيثَا الْمُغِيرَةِ فَأَحَدُهُمَا عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ، وَلَمْ يُولَدْ ابْنُ شِهَابٍ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمُغِيرَةِ بِدَهْرٍ طَوِيلٍ، وَالثَّانِي مُدَلِّسٌ أَخْطَأَ فِيهِ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ فِي مَوْضِعَيْنِ، وَهَذَا خَبَرٌ حَدَّثَنَاهُ حَمَامٌ قَالَ ثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ثنا أَبِي قَالَ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ عَنْ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ أَعْلَى الْخُفَّيْنِ وَأَسْفَلَهُمَا» فَصَحَّ أَنَّ ثَوْرًا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، وَأَنَّهُ مُرْسَلٌ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ الْمُغِيرَةُ، وَعِلَّةٌ ثَالِثَةٌ وَهِيَ أَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ فِيهِ كَاتِبَ الْمُغِيرَةِ، فَسَقَطَ كُلُّ مَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ لَبِسَ عَلَى رِجْلَيْهِ شَيْئًا مِمَّا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ ثُمَّ أَحْدَثَ]
٢٢٣ - مَسْأَلَةٌ:
وَمَنْ لَبِسَ عَلَى رِجْلَيْهِ شَيْئًا مِمَّا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ عَلَى غَيْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute