للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَنَظَرْنَا فِي الْآثَارِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَجَدْنَاهَا لَا يَصِحُّ مِنْهَا شَيْءٌ أَصْلًا: أَمَّا الْأَوَّلُ فَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرٍو، وَهِيَ صَحِيفَةٌ.

وَأَمَّا حَدِيثُ صَفْوَانَ فَلَا يَصِحُّ فِيهِ شَيْءٌ أَصْلًا، لِأَنَّهَا كُلُّهَا مُنْقَطِعَةٌ، لِأَنَّهَا عَنْ عَطَاءٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَابْنِ شِهَابٍ، وَلَيْسَ مِنْهُمْ أَحَدٌ أَدْرَكَ صَفْوَانَ.

وَأَمَّا عَنْ عَطَاءٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ مُرْتَفِعٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ، أَوْ عَنْ أَسْبَاطٍ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ أُخْتِ صَفْوَانَ وَهَذَا ضَعِيفٌ عَنْ ضَعِيفٍ عَنْ مَجْهُولٍ.

قَالَ عَلِيٌّ: فَإِذْ لَيْسَ فِي هَذَا الْبَابِ أَثَرٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، فَالْمَرْجُوعُ إلَيْهِ هُوَ طَلَبُ حُكْمِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْآثَارِ: فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا قَدْ صَحَّ بِالْبَرَاهِينِ الَّتِي قَدْ أَوْرَدْنَا قَبْلُ: أَنَّ الْحَدَّ لَا يَجِبُ إلَّا بَعْدَ بُلُوغِهِ إلَى الْإِمَامِ وَصِحَّتِهِ عِنْدَهُ.

فَإِذْ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَالتَّرْكُ لِطَلَبِ صَاحِبِهِ قَبْلَ ذَلِكَ مُبَاحٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فِيمَا فَعَلَ حَدٌّ بَعْدُ - وَرَفْعُهُ أَيْضًا مُبَاحٌ، إذْ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ، فَإِذْ كِلَا الْأَمْرَيْنِ مُبَاحٌ، فَالْأَحَبُّ إلَيْنَا - دُونَ أَنْ يُفْتَى بِهِ - أَنْ يُعْفَى عَنْهُ مَا كَانَ وَهْلَةً وَمَسْتُورًا، فَإِنْ أَذَى صَاحِبُهُ وَجَاهَرَ: فَرَفْعُهُ أَحَبُّ إلَيْنَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ

[مَسْأَلَة هَلْ تُدْرَأُ الْحُدُودُ بِالشُّبُهَاتِ أَمْ لَا]

٢١٨٣ - مَسْأَلَةٌ: هَلْ تُدْرَأُ الْحُدُودُ بِالشُّبُهَاتِ أَمْ لَا؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، فَأَشَدُّهُمْ قَوْلًا بِهَا وَاسْتِعْمَالًا لَهَا أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ، ثُمَّ الْمَالِكِيُّونَ، ثُمَّ الشَّافِعِيُّونَ.

وَذَهَبَ أَصْحَابُنَا إلَى أَنَّ الْحُدُودَ لَا يَحِلُّ أَنْ تُدْرَأَ بِشُبْهَةٍ، وَلَا أَنْ تُقَامَ بِشُبْهَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ الْحَقُّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَا مَزِيدَ، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْحَدُّ لَمْ يَحِلَّ أَنْ يُقَامَ بِشُبْهَةٍ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» وَإِذَا ثَبَتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>