للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنِ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ، وَمُجَاهِدٍ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَيْضًا: لَا يَذْبَحُ النُّسُكَ إلَّا مُسْلِمٌ.

وَعَنْ إبْرَاهِيمَ كَانُوا يَقُولُوا: لَا يَذْبَحُ النُّسُكَ إلَّا مُسْلِمٌ، وَهَذَا مِمَّا خَالَفَ فِيهِ الْحَنَفِيُّونَ، وَالشَّافِعِيُّونَ جَمَاعَةً مِنْ الصَّحَابَةِ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ لَا مُخَالِفَ لَهُمْ يُعْرَفُ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَا يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مَا ذَكَرْنَا لِأَنَّهُ عَنْ عَلِيٍّ مُنْقَطِعٌ - وَقَابُوسُ، وَأَبُو سُفْيَانَ ضَعِيفَانِ - إلَّا أَنَّهُ عَنْ الْحَسَنِ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: صَحِيحٌ وَلَا يَصِحُّ عَنْ غَيْرِهِمْ، وَمَا نَعْلَمُ لِهَذَا الْقَوْلِ حُجَّةً أَصْلًا لَا مِنْ قُرْآنٍ وَلَا مِنْ سُنَّةٍ، وَلَا مِنْ أَثَرٍ سَقِيمٍ، وَلَا مِنْ قِيَاسٍ.

[مَسْأَلَةٌ يَشْتَرِك فِي الْأُضْحِيَّةِ الْوَاحِدَةِ الْجَمَاعَةُ]

٩٨٤ - مَسْأَلَةٌ: وَجَائِزٌ أَنْ يَشْتَرِكَ فِي الْأُضْحِيَّةِ الْوَاحِدَةِ أَيُّ شَيْءٍ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ وَغَيْرِهِمْ، وَجَائِزٌ أَنْ يُضَحِّيَ الْوَاحِدُ بِعَدَدٍ مِنْ الْأَضَاحِيِّ «ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ» كَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا وَلَمْ يَنْهَ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَالْأُضْحِيَّةُ فِعْلُ خَيْرٍ، فَالِاسْتِكْثَارُ مِنْ الْخَيْرِ حَسَنٌ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ: تُجْزِئُ الْبَقَرَةُ، أَوْ النَّاقَةُ عَنْ سَبْعَةٍ فَأَقَلَّ أَجْنَبِيِّينَ وَغَيْرَ أَجْنَبِيِّينَ يَشْتَرِكُونَ فِيهَا، وَلَا تُجْزِئُ عَنْ أَكْثَرَ، وَلَا تُجْزِئُ الشَّاةُ إلَّا عَنْ وَاحِدٍ.

وَقَالَ مَالِكٌ: يُجْزِئُ الرَّأْسُ الْوَاحِدُ مِنْ الْإِبِلِ، أَوْ الْبَقَرِ، أَوْ الْغَنَمِ عَنْ وَاحِدٍ، وَعَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ - وَإِنْ كَثُرَ عَدَدُهُمْ وَكَانُوا أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ إذَا أَشْرَكَهُمْ فِيهَا تَطَوُّعًا - وَلَا تُجْزِئُ إذَا اشْتَرَوْهَا بَيْنَهُمْ بِالشَّرِكَةِ وَلَا عَنْ أَجْنَبِيَّيْنِ فَصَاعِدًا.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: الْأُضْحِيَّةُ فِعْلُ خَيْرٍ وَتَطَوُّعٌ بِالْبِرِّ فَالِاشْتِرَاكُ فِي التَّطَوُّعِ جَائِزٌ مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ نَصٌّ قَالَ تَعَالَى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} [الحج: ٧٧] فَالْمُشْتَرِكُونَ فِيهَا فَاعِلُونَ لِلْخَيْرِ؛ فَلَا مَعْنَى لِتَخْصِيصِ الْأَجْنَبِيِّينَ بِالْمَنْعِ، وَلَا مَعْنَى لِمَنْعِ ذَلِكَ بِالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ كُلَّهُ قَوْلٌ بِلَا بُرْهَانٍ أَصْلًا لَا مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا سُنَّةٍ، وَلَا رِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ، وَلَا قِيَاسٍ.

وَقَدْ أَبَاحَ اللَّيْثُ الِاشْتِرَاكَ فِي الْأُضْحِيَّةِ فِي السَّفَرِ - وَهَذَا تَخْصِيصٌ لَا مَعْنَى لَهُ أَيْضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>